06-07-2025, 03:31 AM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 4
|
العلاقة بالمرض: مصابة |
المهنة: لا شيء |
الجنس ~ :
أنثى |
المواضيع: 63382 |
مشاركات: 6438 |
تاريخ التسجيل : Aug 2010
|
أخر زيارة : اليوم (05:04 AM)
|
التقييم : 95
|
مزاجي
|
اوسمتي
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
من لغو الصيف.. ماذا قال طه حسين عن العيد؟
أصدر عميد الأدب العربى طه حسين كتبا عدة منها كتاب من لغو الصيف وهو كتاب يحوى موضوعات متنوعة، حيث يتحدث فى واحد من فصوله عن العيد تحت عنوان "من أحاديث العيد" فماذا قال طه حسين عن العيد؟.
يقول طه حسين في كتاب من لغو الصيف: ابتسم الصبح فابتسمت معه الثغور، وأشرقت الشمس فأشرقت معها الوجوه، وغنتِ الطير فتغنَّت معها نفوس بالآمال والأماني وبالأهواء والميول، وتغنت معها نفوس أخرى بالأحزان اللاذعة، والآلام الممضَّة، والعواطف التي تفطر القلوب وتسفح الدموع. واندفع قوم إلى السرور العريض، واندفع قوم آخرون إلى الحزن العميق، وتردَّد قوم بين هذا وذاك يأخذون من كليهما بحَظٍّ معتدل، ويؤلِّفون لأنفسهم منهما مزاجًا لا هو بالمُشرِق المبتهج، ولا هو بالمظلِم القاتم، وإنما هو شيء بين ذاك، فيه مكان للذة والأمل، وفيه مكان للألم والذكرى. واضطرب الناس أيام العيد بين دور الأحياء ودور الموتى، يتحدثون إلى أولئك ويفكرون في هؤلاء.
وكثير من حديث الناس إلى الأحياء، وكثير من حديثهم عن الموتى، خليق أن يُسَجَّل ويُتخذ موضوعًا لألوان مختلفة من الأدب والفن. ولكن هذه الأحاديث تُقبِل مع أيام العيد، وتذهب معها كأنها لم تكُن. تترك آثارها في نفوس الناس ولكنها لا تترك آثارها فيما يُنشئون ويكتبون؛ لأنهم لا يُنشئون ولا يكتبون، ولأنهم إن أنشأوا أو كتبوا فقَلَّمَا يقفون عند ما يشعرون أو يجدون، إنما يلتمسون موضوعاتهم في السماء حينًا، وفي السحاب حينًا، وبعيدًا عن حياتهم دائمًا. فإن مسُّوا حياتهم فهم لا يمسُّون إلا ظاهرًا منها، وهم يمسُّونه في رفق أقرب إلى الجدب الموئس منه إلى الخصب الذي يحيي النفوس ويغذو القلوب.
أما أنا فقد كنت أتحدث إلى نفسي وإلى أصدقائي في أيام العيد أحاديث مختلفة، منها الباسم ومنها العابس، فيها الجِدُّ وفيها الهزل. ولكني كنت أحتفظ لنفسي بأشد هذه الأحاديث مرارة ولذعًا؛ لأني أعلم أن الناس يكرهون في أيام العيد وفي غير أيام العيد مرارة الحزن ولذع الألم. وأشهد لقد استقبلت يوم العيد بحزن عميق؛ لأني استعرضت صورًا تعوَّدت أن أستعرضها كلما أقبلت الأعياد، وفكرتُ فيمن أزوره ويزورني، وفيمن أسعى إليه ويسعى إليَّ، فإذا كثير من هذه الصور قد مُحِيَ من صفحة الحياة، ولم يبقَ له إلا رسم في صفحة القلب، قويٌّ عند قوم، ضعيف ضئيل عند قوم آخرين. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|