مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
04-05-2014, 02:25 PM | #1 | |||||||||||||
شكراً: 3,462
تم شكره 3,976 مرة في 2,568 مشاركة
|
لننطلق ونبحر معاً ، نجمع نفيس الدُّرر .. نُحيي موَات الأفئدة ونُسبل الدّمُوع .. دموعٌ تزيدنا رفعةً وأجراً ، وترفعنا في الجنانِ منزلاً و مستقراً .. ::: يقول الله جل في عُلاه : " وفي الأرضِ آياتٌ للمُوقنين*وفي أنفُسِكُم أفَلَا تُبصَرُون " ويقول سبحانه : " سنُريهم آياتنا في الآفَاقِ وفي أنفُسِهم حتّى يتبيّن لهُم أنّه الحَق" ما أودعه الله في بني البشر من نعمه نعمتين عظيمتين، نعمتي الضّحكِ والبكاء .. ضَحكٌ وبُكاء أودعهما الله في النّفس الإنسانية والنفس البشرية لتعبر به عن فرحها المرغوب ورضاها به ، وأُنسها بما يسُر .. وبُكَاء .. أودعه الله في التّفس تعبر به عما يعتريها من الخوف والخشية والوجل ، وربّما زاد السرور على النّفس فكان من فرط ماقد سرّها أبكاها .. فهي تبكي في الأفراح والأحزان ! إنّ الله عزّ وجل أنشَأ دواعي الضَّحك ودواعي البُكاء وجعلها وفق أسرارٍ أودعها في البشر .. يضحك لهذا ويبكي لذاك ، وقد يضحكُ غداً مما أبكاه اليوم ، ويبكي غداً مما أضحكه بالأمس من غير ذُهولٍ ولا جُنون ، إنّما هي حالات جِبِليّة خلقها الله فيه " " وفي أنفُسكم أفلا تُبصرُون " إنّ الله عزّ وجل أنعم علينا بنعمة البكاء انشكره عليها ، إذ كيف يعيش من لايبكي ! كيف يتوب التوبة النصوح إن لم تخالطها دموع الخشية والرجاء ! وقد كان يدعو عليه الصّلاة والسلام : " اللهم إني أعوذُ بك من علمٍ لا ينفع ، ومن نفسٍ لاتشبع ، ومن قلبٍ لا يخشع ، ومن عينٍ لا تدمع ، ومن دعاءٍ لا يُستجاب له " إن البكاء قافلةٌ ضخمة ، حطّت ركابها في سُوقٍ رحبة ، ما ابتاع الناس منها على ثلاثة أضرب : 1/ ضربٌ من النّاسِ اشتروا بُكاء العُشّاقِ والمعشُوقين ، أصحاب الهوى المتيّمين ، أهل الصّبابة والغرام ، الذين هربوا من الرّق الذي خُلِقوا له إلى رقِّ الهوى والشّيطان ، أعاذنا الله وإياكِ من هذه الحال ومن أهل النار. 2/ وضربٌ من النّاسِ اتاعوا بكاءَ أهل الحُزن على مصائبهم و رزاياهم وعلى هذا الضرب جُلّ الناسِ ، فاقتصروا على سلعةٍ وافقت جبلّتهم التي جبلهم الله عليها ، فاصبحوا لا لهم .. ولا عليهم ! 3/ وضربٌ ثالث اشتروا بكاء الخشية من الله عزّ وجل .. تلكم البضاعة التي زهد فيها كثيرٌ من النّاس إلا من رحم الله .. آيَاتٌ تُتلى ، وأحاديثٌ تُروى ، و مواعظٌ تُلقى ، ولكن تدخل من اليُمنى وتخرج من اليُسرى ، لا يخشع لها قلب ولا تهتزّ لها نفس ، ولا يسيلُ على إثرها دمع ... لقد أثنى الله عزّ وجل في كتابه على البكّائين من خشية الله ، وفي طاعة الله .. الأنقيَاء الأتقياء الذين لاتُسغفهم الكلمات للتعبير عمّا يُخالج مشاعرهم من حب ربهم وتعظيمهم له ، وخشية و إجلال فتفيض دموعهم قربة إلى الله وزُلفى : " وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعيُنهم تفيضُ من الدّمعِ ممّا عرفوا من الحق " وقال سبحانه جلّ في عُلاه : " أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولاتبكون * وأنتم سامدون * فاسجُدوا لله واعبدوا " إنّ من السبعة الذين يظلهُم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله : " ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" .. وخصّ البكاء في الخلوة لأن الخلوة مدعاةً إلى قسوة القلب ، والجرأة على المعصية ، فإذا ما جاهد الإنسان نفسه ومنعها عن المعصية ، واستشعر عظمة الله وفاضت عيناه رهبة ورغبة استحق أن يُظلّه الله تحت ظله يوم لا ظلّ إلا ظله .. وقد قال عليه الصلاة والسلام : "عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله ، وعينٌ باتت تحرُس في سبيل الله " صحيح الترمذي. وقال ذلك صلوات الله وسلامه عليه ، وهو أتقى الناس لله ، وأخشاهم سراً وعلناً لله ، وأكثر الناس بكاءً من الله .. ونحن !! مِنْ أَحْوَالِ البَكَّائِينْ .. ثبت في الصّحيحينِ عن أبي مسعُود رضي الله عنه ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له : " اقرأ عليّ القرآن " فقال :أقرؤه عليك وعليك أُنزل ؟ قال : " إنّي أحبّ أن اسمعه من غَيري "، فقرأ من سورة النّساء حتى بلَغَ قوله تعالى : " فكيف إّذا جئنا من كل أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حَسْبُك " فإذا عيناه تذرفان ! وثبت عنه صلى الله عليه وسلّم : أنّه كان إذا صلى سُمع لصدره أزيز كأزيز المِرجَل من البكاء ، اي كصوتِ القدر إذا اشتدّ غليَانه.. إنّ هذه الدذموع الزكيّة النقية التي سالت من رسول الله صلى الله عليه وسلم تُمثل إحساساً نبيلاً ومشَاركةً أسيفة للمحزونين والمكروبين ، وهي لا تتعارض أبداً مع كونه عليه الصّلاة والسّلام مثلاً للشّجاعة ورباطَةِ الجَأش والرّضَا بقضَاء الله وقدره .. ولكنّ بُكاء المُصطفى الكريم في مواطن الرحمة والإشفاق ، ومن لايرحم لايُرحم ، " مُحمّدٌ رسُولُ اللهِ والذينَ معه أشدّاءُ علَى الكُفّارِ رُحَمَاءُ بينهم " وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت يارسول الله مالنّجاة ؟ مالنجاة؟ قال : " أمسك عليك لسَانك ، وليسَعك بيتُك ، وابكِ على خطيئتكِ " .. هذه حالُ الرسول صلى الله عليه وسلم أخذها عنه الصحابة رضوان الله عليهم ، فقد كان الربيعُ بن خيثم يبكي بُكاءً شديداً ، فلمّا رأت أمه مايلقاه ولدها من البكاء نادته فقالت : ( يابنيّ ، لعلّك قتلتَ قتيلاً ؟ فقال : نعم ياوالده ، قتلت قتيلاً ، فقالت : ومن هذا القتيل يابُنيّ نتحمّل إلى أهله فيعفُونك ، والله لو علموا ماتلقى من البكاء والسّهر لرحموك ، فقال الربيع : هي نفسي ياوالدتي .. هي نفسي ! في خاتمه المطاف : لنتقِ الله في أنفُسنا ، ولنعلم أنّه لا بُد من القلق والبُكاء إمّا في زاويَة التعبّد والطّاعة ، أو في هاوية الطّرد والإبعاد ، فإمّا أن يُحرق قلبُكِ بنار الدّمعِ على التّقصير ، والشّوق إلى لقاء العليّ القدير ، وإلا فاعلمي : " فليضحكُوا قليلاً وليبكُوا كثيراً جزاءً بما كانوا يكسِبُون " .. فانظري أخية إلى البكّائين الخاشعين ترينهم على شواطئ أنهار الدّموع نزول ، فلو سِرتِ عن هَواكِ خطَوات ، لاحت لكِ الخيَام. تذكروا أن هذا الدين وسطٌ بين الغالي فيه والجافي عنه ، ولا يُفهم من الحث على البكاء والتباكي خشيةً لله أنه دعوة إلى الكدر ، ولا إلى االرهبة ، ولا إلى مايقول أحدهم : ( ماضحكتُ أربعين سنة ).. فرسول الله إمام الأمة وقائد الملة كلن يضحك ويبتسم ، ولكنّه لا يُسمع ضاحكاً ولامفرطاً في الضّحك وثبت عنه أنه قال : " لا تُكثروا الضحك فإن كثرةالضحك تُميتُ القلب " .. فلا يضحك ويقهقه ويستلقي على قفاه من شدة الضحك إلا الذي قسَا قلبه ، وغفل عن الموت ومابعده ، حتى أنه لايلين قلبه ولا تبكي عينه، ولو تُليت عليه آيات القرآن ، بل يطرب لسماع أصوات المظلومين وأصوات المنكوبين ، قد جُرّد قلبه من الرحمة والخوف والرجاء.. فشتّان بين الحالين ! فمن يكثر البكاء هنا كان من الضاحكين المستبشرين هناك ومن يكثر الضحك واللهو والمزاح هنا كان من الباكين على حاله يجر أسبال الندم أعاذنا الله وإياكن من ذلك .. رزقنا الله وإياكم خشيته في السرّ والعلن ، وفتح على قلوبنا علماً به وتعظيماً له. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
|||||||||||||
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ مونمون على المشاركة المفيدة: |
|
|