مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-24-2014, 02:28 AM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
بسم الله الرحمن الرحيم ونستأنف مع إبداعات الشيخ الأستاذ العارف بالله سيدي رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي في مجموعة "ويسألونني" حيث يقول سيادته: بسم الله الرحمن الرحيم سئلت عما سطره بعضهم فى إحدى الصحف فى موضوع الكرامة، وحيث قد كثر الكلام فى كرامات الأولياء، وما يتعلق بها خاصة ونحن فى زمان قد ظهرت فيه بعض الخوارق وإندرجت تحت العلوم المصدق بها، ولذا فإننا نورد فى هذه المقالة بعض الأصول الخاصة بهذا الأمر ثم نتكلم فيه من جانب جديد على أكثر المتكلمين فيه لكى نقفل هذا الباب من الناحية العلمية لكى يتفرغ المنكرون لهذه الأمور لإصلاح أنفسهم والسير فى الطريق إلى معرفة الله التى هى مناط التكليف والخلق قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" قال ابن عباس رضى الله عنهما: (إلا ليعرفون) ، فمعرفة الله هى الغاية من الطريق، وهى الكرامة الكبرى التى يلتمسها السائرون فى طريق الله. فأولاً: ما ورد فى المقالة المذكورة من نفى إطلاع الأولياء على بعض المغيبات فهو أمر لا يُسلم لقائله، وقد تكلم عنه شيخنا العلامة ابن عطاء الله السكندرى تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى، وننقل هنا كلامه بإختصار وتصرف يسير حيث يقول : واعلم أن إطلاع أولياء الله على بعض الغيوب لا يحيله العقل وقد ورد به النقل. قال أبو بكر الصديق لعائشة رضى الله عنهما فى مرض موته وزوجته حامل: "إنما هما أخواك وأختاك، وبطن بنت خارجة أراها جارية" فأخبر بأن فى بطن امرأته جارية (أى أنثى) وكان كما قال رضى الله عنه. وقول عمر رضى الله عنه "يا سارية الجبل" وسارية بأقصى العراق، فسمع سارية صوته وكان قد أطلعه الله على سارية وقد أحاط به العدو، فأمره بالإنحياز إلى الجبل، فإنحاز هو والجيش الذى كان معه فانتصروا وظفروا، وكان قد قال ذلك وهو فى أثناء خطبته على المنبر، فترك الخطبة وقال: يا سارية الجبل وعاد إلى خطبته . وقول عثمان رضى الله عنه لداخل دخل عليه وكان قد نظر إلى محاسن إمرأة فى الطريق: يدخل احدكم وآثار الزنا بادية فى وجهه. وأما على بن أبى طالب فقد جاء عنه فى هذا الباب العجب العجاب حتى أنه أرجف بالكوفة أن معاوية قد مات، فقال على رضى الله عنه إذ بلغه ذلك: والله ما مات ولن يموت حتى يملك ما تحت قدمى هاتين، وإنما أراد ابن هند أن يشيع ذلك حتى يستثير علمى فيه، فمن يومئذ كاتب أهل الكوفة معاوية وعلموا أن الأمر صائر إليه. وحكايات الأولياء فى كل عصر ومصر تتضمن ثبوت ذلك بما بلغ حد التواتر فلا يمكن جحده. قال ابن عطاء الله: ثم أنا أدلك – رحمك الله – على أمر يسهل عليك التصديق بذلك، وهو أن إطلاع العبد المخصـوص على غيب من غيوب الله ليس بجثمانيته ولا وجود صورته، وإنما هو بنور الحق فيه، دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) فكيف يستغرب أن يطلع المؤمن على غيب من غيوب الله بعد أن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إنما ينظر بنور ربه لا بوجود نفسه. وكذلك قوله فى الحديث القدسى الصحيح: "فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به" - الحديث إلى آخره. ومن كان الحق بصره فليس الإطلاع على الغيب بمستغرب فيه، وفى بعض طرق هذا الحديث: "فإذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً وقلباً وعقلاً ويداً ومؤيدا" . فإن قلت: كيف تصنع بهذه الآية، وهو قوله سبحانه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) - (وهو ما استدل به كاتب المقالة) – قـال ابن عطاء الله: فلم يستثن إلا الرسول؟ قال: فاعلم أنى سمعت شيخنا أبا العباس (المرسى) رضى الله عنه يقول: وفى معناه: أو صديق أو ولى. فإن قلت: هذه زيادة على ما تضمنه الكتاب العزيز. فإعلم أنه إذا قيل إن السلطان لم يأذن اليوم إلا للوزير وحده ربما دخل مماليك الوزير معه، وكان الإذن لمتبوعهم إذناً لهم، كذلك الولى إذا أطلعه الله على غيب من غيوبه فإنما ذلك لانطوائه فى جاه النبوة وقيامه بصدق المتابعة، فما رأى ذلك بنفسه وإنما رآه بنور متبوعه. وأيضاً إن الآية تشير إلى نفى إطلاع العباد على غيب الله إلا من أطلعه الله. وبين سبحانه سبب إطلاعه من أطلعه على غيب من غيوبه وأن ذلك إنما كان لأنه مرتضى عنده بقوله (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى) . وقوله (من رسول) خص الرسول بالذكر ولم يذكر النبى ولا الصديق ولا الولى وإن كان كل منهم ممن ارتضى، لأن الرسول أولى بذلك مما سواه. انتهى الجزء المقصود نقله من كلام ابن عطاء الله السكندرى. ونشير لك إشارة إلى أمر معروف بين الناس سُلِّمَ به وهو الرؤيا المنامية، فإن الإنسان قد يطلعه الله فى المنام على وقائع تحدث بعدها، وهى غيب من الغيوب. وقد أطلعنا القرآن الكريم على رؤية الملك فى أيام سيدنا يوسف، ولم يكن الملك مؤمناً، وأطلعه الله على أمور تحدث فى أربعة عشر سنة مستقبلية. حقيقة أنها كانت بلغة لم يفهمها الرائى ولكن فهمها سيدنا يوسف، وكذا رؤية صاحبى السجن فهذا كشف للمستقبل وعلم بالغيب. والذى يطلع على غيب ما فهل يحيط بجميع الغيبيات أم أنه يطلع على قبس من غيب يخصه أو نحو ذلك، والإحاطة بالغيوب كلها لا يكون إلا لله، فهو كمخيطٍ وضعته فى المحيط ثم أخرجته فماذا أخذ من المحيط؟! ونقول لك إن الغيب أنواع، فمنها ما هو غيب زمانى لسبق زمانه عن الزمن الحالى، وهذا كحكاية سيدنا عثمان بن عفان السابقة، أو غيب زمانى لأن زمانه لم يأت، ومنها ما صح عن سيدنا أبى بكر الصديق وذكرناه سابقاً وما نقلناه عن سيدنا الإمام على، وقد يكون غيباً مكانياً لاختلاف المكان، وهو ما نقلناه وصح فى قصة سيدنا عمر بن الخطاب السابقة، ثم قد يكون غيباً ذاتياً كإطلاع الولى على بعض الأسماء الإلهية التى لم تكشف لغيره، ويدل عليها ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك" فقوله: "أو علمته أحداً من خلقك" دليل على ما ذكرنا. ثم هناك الغيب المحض، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق: "أو استأثرت به فى علم الغيب عندك" فهذا وما نحوه من الأسماء والصفات الإلهية التى استأثر الله بها فهى غيب محض لا ســبيل لمعرفته إذ لا يعرف الله إلا الله، وما تعرفنا إليه سبحانه إلا بقدر ما تعرف إلينا بما نتحمل من تجلياته علينا. فإذا كان الله يطلــع الولى على أمور من غيب ذاته، فأمور غيب الزمان والمكان لا تقاس بذلك. ثم هناك نوع آخر من الغيب وهو غيب الغيب، فإن الله قال عن العبد الصالح آصف بن برخيا الذى أتى بعرش بلقيس لسيدنا سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُك). فأشار إلى أنه عنده علم من الكتاب، وقد يكون المراد بالكتاب هنا اللوح المحفوظ، فقد ورد فى بعض التفاسير إشارة إلى أنه كتاب المقادير. فإن كان الغيب هو ما خُطَّ فى اللوح المحفوظ، فهناك غيب لم يدون فيه بدليل قوله تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) فما أُثبت فى أم الكتاب بعد المحو كان غيباً قبل ذلك لم يطلع عليه أحد إلا الله، وهذا هو غيب الغيب، ولذلك إذا كشف الله لعبد من عباده عن غيب من المغيبات المخطوطة فى أم الكتاب فإن هذا العبد لا يركن إلى ذلك، ولا يأمن مكر الله لوجود المحو والإثبات ولذا يقول الصديق الأكبر أبو بكر (لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمى فى الجنة). ثانياً: يقول كاتب المقالة المذكورة أن كل أئمة السنة يقرون الكرامات ويثبتونها ثم نراه يثبت ذلك نظرياً وينكره فعلياً، وقد أشار إلى ذلك سيدى ابن عطاء الله من كلامه على أحوال الناس فى مسألة الكرامات فيقول: وفرقة أخرى يصدقون بأن فى مملكة الله أولياء لهم كرامات من غير أن يسلموا ذلك لأحد من أهل زمانهم معيناً، فكل من ذكر لهم أنه ولى أو نسبت إليه كرامة دافعوا إثبات ذلك بمقاييس اقتضتها عقولهم المعقولة بعقال الغفلة المخدوعة بمتابعة الهوى، فلن يجرى عليهم هذا التصديق وجود الاقتداء ولا اشراق نور الاهتداء، إذ الاقتداء لا يكون بولى مجهول العين فى كون الله، بل الإقتداء إنما يكون بولى دلك الله عليه وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه، فطوى عنك شهود بشريته فى وجود خصوصيته، فألقيت إليه القياد فسلك بك سبيل الرشاد، يعرفك برعونات نفسك وكمائنها ودفائنها، ويدلك على الجمع على الله، ويعلمك الفرار عما سوى الله، ويسايرك فى طريقك حتى تصل إلى الله، ويوقفك على إساءة نفسك، ويعرفك بإحسان الله إليك، فيفيدك معرفة إساءة نفسك الهرب منها وعدم الركون إليها، ويفيدك العلم بإحسان الله إليك الإقبال عليه، والقيام بالشكر إليه، والدوام على مر الساعات بين يديه. ثالثا: الكلام على خوارق العادات يقتدى تقسيمها إلى ما قسمه العلماء إلى ستة أقسام: • فإن كان خرق العادة من نبى فهو معجزة. • وإن كان من نبى قبل وصف النبوة فهو الإرهاص. • وإن كان من ولى فإنه الكرامة. • وإن كان من بعض العوام فهو المعونة وهو فيض كرم من الله لهذا العامى بشفاءه من داء عضال لا شفاء منه ونحو ذلك. • وإن كان من فاسق ووافق مراده فهو الاستدراج. • أما إن خالف مراده (الفاسق) وجاء خرق العادة عكس ما أراد فهو الإهانة. • وزاد بعضهم السحر، وقيل إنه ليس من الخوارق لأنه معتاد عند تعاطى أسبابه. رابعاً: ما هى الكرامة؟ قال العلماء: هى أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا هو مقدمة لها يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبى كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح علم بها أو لم يعلم. خامساً: جاء بالمقالة المذكورة كلاماً عن الولى فيه تعميم وإسقاط للتخصيص، فمن هو الولى؟ يقول العلماء: الولى هو العارف بالله تعالى وبصفاته حسب الإمكان المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصى المعرض عن الإنهماك فى اللذات والشهوات المباحة، فهو من تولى الله سبحانه وتعالى أمره فلم يكله إلى نفسه ولا إلى غيره لحظة، أو الذى يتولى عبادة الله تعالى وطاعته، فعباداته تجرى على التوالى من غير أن يتخللها عصيان. وكلا المعنيين واجب تحققه حتى يكون الولى ولياً فى نفس الأمر. أما ما جاء فى المقالة فهو كلام على الولاية العامة، ونحن هنا بصدد الكلام عن الولاية الخاصة التى تعلوها مرتبة الصديقية، وعليه فالمتصف بهذه الصفات قد يكون أعلى مقاماً من الشهيد الذى مات فى ميدان القتال مرة واحدة، وأما من نحن بصدده فقد قتل نفسه عن الشهوات والمعاصى واللذات مرات ومرات. وقد يكون الشهيد ولياً أو صديقاً ومن ذلك الأئمة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب فإنهم جمعوا بين الولاية والصديقية والشهادة رضى الله عنهم أجمعين. ثم إن الشهداء مراتب ومنازل، فهل يستوى الشهيد الذى لم يكن له عبادات متميزة وربما كان تاركاً للفرائض ثم نال مرتبة الشهادة بطعنة لم تستغرق آلامها سوى دقائق بمن هو أمضى حياته فى محاربة الشهوات والنفس وأبلى فى الدين وفى الدنيا بلاءً حسناً مثل ساداتنا الصديقين عمر وعثمان وعلى. - (يتبع في مشاركة جديدة أسفله) ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
||||||||||||||
|
01-24-2014, 02:29 AM | #2 | |||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
بسم الله الرحمن الرحيمتابع كلام الشيخ الأستاذ العارف بالله سيدي رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي في إجابة السؤال بعاليه: سادساً: كرامة الأولياء جائزة وواقعة ودليل جوازها: لكونه بلا شك من الممكنات إذ لو لم تكن كذلك لكانت واجبة أو مستحيلة وكلاهما باطل لإجماع الطائفة على أنه قد يكون الولى ولياً وإن لم تخرق العادة له، والأخير باطل لأن المستحيل هو الذى لو قدر وجوده لزم منه محال عقلى، ووقوعها لا يلزم منه محال عقلى إذ أنه داخل فى القدرة الإلهية. سـابعاً: الكرامات قسمان: حسية ومعنوية، والأخيرة هى الأفضل عند أهل الله، وهى كالمعرفة بالله والخشية له ودوام المراقبة له والمسارعة لامتثال أمره ونهيه والرسوخ فى اليقين والقوة والتمكين، ودوام المتابعة والاستماع من الله والفهم عنه، ودوام الثقة به، وصدق التوكل عليه، إلى غير ذلك. قال ابن عطاء الله السكندرى: وسمعت شيخنا أبا العباس رضى الله عنه يقول: الطى على قسمين: طى أصغر وطى أكبر، فالطى الأصغر لعامة هذه الطائفة أن تطوى لهم الأرض من مشرقها إلى مغربها فى نفس واحد. والطى الأكبر طى أوصاف النفوس. صدق رضى الله عنه فإن طى الأرض لو أعجزك الله عنه وأفقدك إياه ما نقص ذلك من رتبتك عنده إذا قمت له بالوفاء فى العبودية، وطى أوصاف النفوس لو لم تقدم عليه به لكنت من المغبونين وحشرت فى زمرة الغافلين. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه: "إنما هما كرامتان جامعتان محيطتان: كرامة الإيمان بمزيد الإيقان وشهود العيان، وكرامة العمل على الإقتداء والمتابعة ومجانبة الدعاوى والمخادعة، فمن أعطيهما ثم جعل يشتاق إلى غيرهما فهو عبد مفتر كذاب وذو خطأ فى العلم والعمل بالصواب، كمن أكرم بشهود الملك على نعت الرضا فجعل يشتاق إلى سياسة الدواب وخلع الرضا. وكل كرامة لا يصحبها الرضا عن الله ومن الله فصاحبها مستدرج مغرور أو ناقص أو هالك مثبور". ونقول: إن الكرامة المعنوية أن يكرمك الله بالتأثير فى ذاتك أولاً، وأن تمحو منها كل النقائص وكل الشهوات، وهذا يؤهلك أن تؤثر فى غيرك وتأخذ بأيديهم دون مشقة لهم إلى معرفة الحق، وهذه لا يؤتاها إلا أولو العزم من الأولياء. ثامنـاً: جعل مؤلف المقالة المذكورة الشهداء والصالحين: أولياء، والصديقين هم كل مؤمن، وجعل التصديق والصديقية أمراً واحداً، ونحن نشير له إلى مختصر من كلام العلماء فى هذه الأقسام، فننقل جانباً مما قاله الشيخ الأكبر فى ذلك بتصرفٍ يسير حيث يقول: (الصديقون) هم الذين تولاهم الله بالصديقية قال تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) فالصديق من آمن بالله وبرسله عن قول المخبر لا عن دليل سوى النور الإيمانى الذى يجده فى قلبه المانع له من تردد أو شك يدخله فى قول المخبر الرسول. (والشـهداء) لهم معنى آخر وهو الأقرب لتسلسل السياق، وهم الذين تولاهم الله بالشهادة وهم من المقربين وهم أهل الحضور مع الله على بساط العلم به قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) فجمعهم مع الملائكة فى بساط الشهادة، فهم موحدون عن حضور إلهى وعناية أزلية... و(الصديق) أتم نوراً من الشهيد في الصديقية لانه صديق من وجهين من وجه التوحيد ومن وجه القربة والشهيد من وجه القربة خاصة لامن وجه التوحيد فان توحيده عن علم لا عن أيمان فنزل عن الصديق في مرتبة الايمان وهو فوق الصديق في مرتبة العلم فهو المتقدم في رتبة العلم المتأخر برتبة الايمان والتصديق فانه لايصح من العالم ان يكون صديقاً وقد تقدم العلم مرتبة الخبر فهو يعلم انه صادق في توحيد الله إذا بلغ رسالة الله والصديق لم يعلم ذلك إلا بنور الايمان المعد في قلبه فعندما جاءه الرسول أتبعه من غير دليل ظاهر... أما (الصالحون) تولاهم الله بالصلاح … إلى أن قال: فهم الذين لا يدخل فى عملهم ولا فى إيمانهم بالله وبما جاء من عند الله خلل، فإن دخله خلل بطل كونه صالحاً، انتهى كلام سيدى محيي الدين مختصراً فمن أراد كمال البحث فليراجعه . ونقول فى قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) أن الشهادة هنا شهادة فى مرتبة الإحسان، وليست الشهادة التى نشهدها فى مرتبة الإسلام، فوصول صاحب المرتبة إلى درجة العلماء ليضاف للملائكة فى الشهادة لتصبح الشهادة هنا شاهد ومشهود، ولا بد أن يرى الشاهد المشهود ويكون هذا عودة إلى حالة المشاهدة الأولى يوم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ، وهذا لا يتأتى إلا بالنوافل حتى يصل العبد إلى محبة الله ليكون سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به يده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ... إلى آخر الحديث. قال تعالى: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) - الآية. ونعود إلى ما قاله سيدنا جبريل ليعلمنا وكان أمام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث سيدنا عمر المشهور الذى أشار فيه إلى مراتب الإسلام والإيمان والإحسان، ولو لم تكن متغايرة لم يكن ليتم التفرقة بينها. والصديقية مرتبة أرقى من مراتب الإحسان التى فيها أن تعبد الله كأنك تراه. وقد ذكر القرآن الكريم (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) وقد فرق بينهم لتباينهم وبقى بينهم العموم والخصوص. ثم هناك ولاية عامة وهم (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فالإيمان والتقوى دليل الولاية العامة، أما الولاية الخاصة فهى ولاية الولى المرشد (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) وهذا الولى المرشد هو من تنطبق عليه الآية الكريمة (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) فهو مكلف بالدعوة إلى الله شأنه شأن الأنبياء السابقين. وهؤلاء هم أولو العلم من هذه الأمة الذين هم ورثة الأنبياء وهم كأنياء بنى إسرائيل ولهم شرطان: التبعية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجود البصيرة، وشرط التبعية أن يرى التابع المتبوع، وكما سبق أن قلنا فى رسائل سابقة أن رؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة بنص الحديث (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثَّل الشيطان بي) وهو حديث صحيح رواه البخارى بهذا النص. متعنا الله بدوام رؤيته صلى الله عليه وسلم وصدق متابعته. وقد تكلم الناس فى الكرامات وأفاضوا والأمر فيها يسير، فإن آدم خلقه الله من طين، وفى حال كونه طيناً قال عنه الله: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) ، فلما اقتضت العناية الإلهية إخراجه من ديوان الإهمال إلى ديوان الإختصاص قال للملائكة: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) فكان السجود لآدم بعد نفخ الروح فيه وهى النور الذى غيَّرَ فى الجسد الذى كان كالحجر فلما نُفِخَ فيه هذا النور تغيرت مواصفاته وسرت فيه الحياة وصار من أعقد المخلوقات وأرقاها، فكانت الروح هى محل الخطاب بالسجود. وهى القوة التى غيرت من معالم الحجر وبالتالى فإنها ما دامت قد غيرت من مواصفات الحجر كما حدث فإنها تسـتطيع أن تأتى بأشـياء خارقة لا يتصورها العقل وتستطيع أن تغير فى هذا الكون إذ ليس هناك أعظم من تغيير الحجر إلى إنسان. والإنسان ينقسم إلى شقين: روح وجسد، وقد غلفت الروح بهذا الجسد الترابى فحجبها عن سريانها وأسرارها، فإنها قد اقتبست من الأنوار الإلهية حين تجلى الله عليها فى عالم الذر حيث يقول تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) . ولذلك نرى الصوفية يسعون إلى إرجاع الروح إلى حالة الشهود المشاهدة الأولى. والشيخ العارف بالله والولى الكامل الجامع بين الشريعة والحقيقة عليه أن يأخذ بيد المريد فى المجاهدات والرياضات والعبادات إلى أن يوصله إلى حالة المشاهدة الأولى، وهذا معنى التصوف فى الإسلام. والروح لها إشرافات على عالم الملكوت، فإذا استطاع الإنسان بالمجاهدات ومخالفة النفس أن يفتح للروح باباً للخروج عن سجن الجسد، ظهرت خوارق العادات على صاحبها بصرف النظر عن معتقداته الدينية، ومن ذلك ما نجده من التنويم المغناطيسى والخوارق التى يأتيها أصحاب الرياضات كاليوجا وفقراء الهنود والبوذيين وأصحاب الحاسة السادسة وتوارد الخواطر ونحوها، وكل ذلك قد ثبت فى العلم الحديث وصار واقعاً لا شك فيه، فإذا كان هؤلاء الذين لا يدينون بدين صحيح تظهر عليهم تلك الخوارق فما بالكم تنكرون ما يظهر على أيدى الأولياء من الكرامات وآثار الروحانية والصفاء؟! والفرق بين الإثنين (من يدين بالإسلام من خلافه) فى حسن الخاتمة. والقرآن يضرب لنا مثلاً لقوة الروح. وفى حكاية آصف بن برخيا الذى أتى بالعرش فى طرفة عين خارقاً قوانين الحركة والسرعة والقوة بل ومتفوقاً على الجن فى إمكانياتهم (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ...) – فإن للروح قوانين غير قوانين المادة المعروفة. وإذا كان الحسد يخالف ما اعتاده الناس من أسباب مادية وهو حق، والحاسد يحسد بحقد نفسه حتى وإن لم ينظر بعينيه، فهل حقد النفوس يخرق العوائد وصفاء الأرواح لا يخرقها؟! وقد يتساءل بعضهم عن الفرق بين الأولياء فى إشراقاتهم الروحية وبين أصحاب الرياضات الذين ذكرنا؟ فنقول لهم الفرق بينهم شاسع، فالأولياء غايتهم الوصول إلى معرفة الله، ولو التفتوا فى طريقهم إلى الكرامات وإلى الخوارق، أوما يظهر لهم من العوالم لحجبهم ذلك عن هدفهم، ولنزلوا عن مقاماتهم، أما أصحاب الرياضات المشار إليها فهم يبتغون أن يصلوا إلى قوة السيطرة على الطبيعة فيكونون أناساً فوق الطبيعة يحكمون عليها لا تحكم عليهم، فشتان بين الغايتين. ثم إن إشراقاتهم الروحية محدودة لاكتناف الظلمات بهم لما هم عليه من الشرك أو الكفر والعياذ بالله، أما إشراقات الأولياء الروحية فلا حد لها، والمثال المذكور سابقاً من القرآن من قصة آصف بن برخيا يدل على ذلك، فإن هناك قدرات لا تُكتَسب إلا بالإيمان، إذ هى منح وعطايا للمؤمن، وأنوار العبادات تزيد من صفاء الروح ونورها فوق نور المجاهدات، وفوق ذلك كله أنوار التجليات الإلهية فهو نور فوق نور يقول تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ويقول سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) ويزداد هذا النور.. قال تعالى: (يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا) – الأية ويقول (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) - الأية ويقول تعالى: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) ويقول: (وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) ويقول: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) . وهذا النور يصاحبهم حتى فى الاخره قال تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) . فالذين وصلوا للاشراقات الروحيه عن غير طريق الاسلام كما سبق أن قلنا لهم حدود فى أنكشاف الروح لا يتجاوزوها من الاتيان بالخوارق وغيرها، أما المؤمن الذى أنكشفت له نوارنية روحه بالعبادات ووسائل التقرب الى الله من النوافل وغيرها فإنه يتطبق عليه قول الحق فى الحديث القدسى "أعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" . والصلوحيه درجة ومنزلة عندما يصل المرء إليها يستحق لمخصصاتها من (مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) ألا ترى الى قول النبى صلى الله عليه وسلم (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) فأيما إنسان وصل من مجاهداته الى أن يضاف الى الصالحين أصبح إنسانا فوق مستوى العقل بل له عند الله ما يريد ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وكما قيل (قوم إذا رفعت حواجبهم قضيت حوائجهم) وهذا أكثر من الكرامه ولذا قال سيدنا أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه ذهب العمى وجاء البصر بمعنى: فانظر الى الله تعالى فهو لك مأوى فإن تنظر فبه أو تسمع فمنه وإن تنطق فعنه وإن تكن فعنده وإن لم تكن فلا شئ غيره. وسئل رضى الله عنه عن الحقائق: فقال الحقائق هى المعانى القائمة فى القلوب وما اتضح لها وانكشف من الغيوب وهى منح من الله تعالى وكرامات وبها وصلوا الى البر والطاعات ودليلها قوله لحارثة (كيف أصبحت؟ قال أصبحت مؤمناً حقا) – الحديث. وكان يقول : (من ادعى فتح عين قلبه وهو يتصنع بطاعه الله تعالى أو يطمع فيما فى أيدى خلق الله تعالى فهو كاذب). ويقول: (سمعت هاتفا يقول أن أردت كرامتى فعليك بطاعتى وبالاعراض عن معصيتى). ويقول رضى الله عنه : كل كرامه لايصحبها الرضا من الله وعن الله والمحبه لله ومن الله فصاحبها مستدرج مغرور أو ناقص هالك مثبور. ويقول: لا تعطى الكرامات من طلبها وحدث بها نفسه, ولا من استعمل نفسه فى طلبها, وإنما يعطاها من لايرى نفسه ولاعمله وهو مشغول بمحاب الله تعالى, ناظر لفضل الله, أيس من نفسه وعمله. وقد تظهر الكرامه على من استقام فى ظاهره وإن كانت هناة النفس فى باطنه كما وقع للعابد الذى عبد الله فى الجزيره خمسمائه عام فقيل له ادخل الجنة برحمتى فقال بل بعملى. ويقول أبو عمرو الدمشقى رضى الله تعالى عنه: إن الله تعالى افترض على الاولياء كتم الكرامات لئلا يفتتن بها الخلق وأوجب على الأنبياء عليهم الصلاه والسلام إظهارها بيانا وبرهانا بالحق. والفرق بين المعجزه والكرامه التحدى فإن المعجزه مقرونه بالتحدى على صدق النبوه ويأتيها النبى قصداً أما الولى فأنه لا يقصد الكرامه ولا ينتظرها بل إنه يكتم الكرامة، وقد تظهر من غير قصد منه بل ويستغفر الله منها كما يستغفر صاحب الذنب من الذنب خوفاً من الاستدراج. ثم إنَّ الفتوة ليست فى إظهار الكرامات بل الفتوة فى سترها فالفتى من الأولياء يكتم الكرامة ويسترها وهذا لأصحاب الدرجات العالية من الأولياء فإن الكرامة تعطى للولى فى بدايته وكلما إزداد رقياً إزداد ستراً وكتماً لها إلا أن يؤمر بالإظهار لأمر زائد مراد للحق تعالى فليس له إلا التسليم والجريان تحت مجرى الأقدار كما قال سيدى ابن عطاء الله (ســوابق الهمم لا تخترق أسوار الاقدار). نسأل الله أن يكرمنا بالمحبة والمعرفة والاصطفاء ويحفظنا من الاستدراج والسلب بعد العطاء والمكر الذي قال عنه الصديق الأكبر سيدنا أبو بكر رضي الله عنه : لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمى في الجنة. |
|||||||||||||
|
|
|