موضوعات عامة ويحتوي على مواضيع عامة متنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
09-30-2020, 04:21 PM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
تركز الأفلام الوثائقية على المصائب وعلى الأموات. لكن هذه سلسلة وثائقية عن شخص ناجح مشهور جدا صار ثريا بفضل موهبته، تظهر صوره على أهم المجلات والقنوات التلفزيونية وهو في واجهة المشهد الإعلامي منذ عقود... إنه بيل غيتس، مؤسس ومدير طاحونة إبداع وخيال ومال، النجم الذي ينطبق عليه قول سبينوزا "إن الإرادة والذكاء وجهان لعملة واحدة". كيف حقق ذلك؟ كيف يعمل دماغ بيل غيتس؟.. هذا ما ذهبت إليه السلسلة التي تعرضها نتفليكس للبحث عنه. لم تستطع ميليندا زوجة بيل الإجابة، ضحكت طويلا وأجابت بصعوبة بأن دماغ زوجها معقد فوضوي وأشبه بمتاهة ويتعذر عليها تخيل التواجد فيه لأنه دماغ يعمل طيلة الوقت، يطالع ويكتب باستمرار ويحب كل ما هو معقد؛ حتى طريقة رؤيته للعالم معقدة. هكذا تراه زوجته وهي مرعوبة من دماغ الرجل الذي تحاول السلسلة تفكيك ألغازه. يجيب صاحب الدماغ: "لا يمكن تحقيق الهدف بضربة واحدة، لا بد من التقدم على مراحل. يجب عليك اختيار عدد محدود من المواضيع التي سيشتغل عليها دماغك، حدّدها". من هذا المدخل يحاول الوثائقي التركيز على أسلوب عمل بيل وشخصيته أساسا. كيف نجح؟.. كان يكتب المشاكل بينما يفكر في حلها. يرسم المشاكل على شكل خطاطة في سبورة ليفهمها فيحلّها. في كل حلقة يتكرر تعبير: قرأ طالع كتب... كان يقرأ ساعات طويلة وقد لا يتكلم عدة أيام، حين يختار موضوعا يقرأ عنه خمسة كتب، هكذا يملك المعرفة. سبق ولعب مقابلة كرة مضرب طيلة ثماني ساعات. هذا علامة على طول النفس. يحركه مبدأ رهيب: لحياة كل فرد نفس القيمة. لا يوجد بشر رخيص.. لذلك صرف ملايير الدولارات لحل مشكل غياب المراحيض للقضاء على موت الأطفال بالإسهال في أفريقيا خاصة والهند. سرديا تخلق السلسلة توازيا بين الماضي والحاضر. كانت أم بيل مهتمة بالتعليم، إذن هو متفوق دراسيا، كان يحب الرياضيات إذن تفوق في صناعة البرمجيات، كان يلعب التنس ساعات طويلة إذن لديه نفس طويل، كان يلعب الشطرنج إذن هو مخطط وتاجر بارع.. كان يذهب لمشاهدة الأفلام السينمائية هارلم...كان الأبيض الوحيد في القاعة، إذن لا عنصرية في مواقفه.. كانت أمه نشيطة في مؤسسات خيرية، إذن فقد صار أكبر متبرع في كل العصور... كل فكرة وكل تعامل للطفل يجد امتداده في الحاضر. إذن فلدى بيل غيتس قدرة توقع واستبصار رهيبة، والتوقع الدقيق نتيجة للخيال الكبير..والدليل؟ تحويل عشرة آلاف دولار التي بدأت بها شركة مكروفوست إلى عشرات ملايير الدولارات. ركزت الحلقة الثانية من السلسلة على مرحلة تعليم بيل غيتس ودور أمه. هكذا تطرح نتفليكس وثائقيا ببعد ثقافي في خضم عشرات السلاسل التي تصور الحيوانات في الطبيعة. تعتمد المشاهد الوثائقية الطبيعية كثيرا على الصدفة. مهما كانت صورة نمر ينقض على غزالة موجعة لا تساوي شيئا أمام جثة الطفل "أيلان" على شاطئ أو تصوير طفل مصاب بالشلل أو يموت بالإسهال... في نهاية المطاف يتضح أن السلسلة الوثائقية تركز على مجد بيل غتيس الناجح الذي بلغت ثروته أكثر من مائة مليار دولار، وهو يقوم بأعمال خيرية.. وقد تبرع صديق بـ 31 مليار دولار لمؤسسته الخيرية، وهذا رقم مرعب. لكن كيف وصل إلى هذا؟.. يصعب على سلسلة وثائقية من ثلاث حلقات تمتد على 157 دقيقة أن تجيب. خاصة أن المخرج يحرص على إظهار مجد فتى الكومبيوتر في الحاضر. لذا فالجواب عن السؤال يوجد في كتاب المعلوماتية بعد الأنترنيت (ترجمة عبد السلام رضوان عالم المعرفة عدد 231 مارس 1998) الذي كتبه بيل غيتس وفيه يقدم جوابا عميقا عن تجربته الفريدة. إنه قدوة ونموذج ضروري في وقت كشفت مجلة فوربس قدوة الشباب العرب في زمن كورنا. فحسب المجلة هناك قائمة بأفضل 100 فنان نجم مؤثر ذي شعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2020 نصفهم موسيقيون ومغنون. لا يوجد روائي أو فيلسوف أو سياسي مؤثر كالمغنين. لذلك يقدم بيل غيتس نموذجا للتعلم والعمل من شخص يتنقل حاملا الكتب وليس هاتفا غبيا أو ذكيا... يقدم الحاسوب نتائج فورية وتغذية راجعة آنية ألف بيل غيتس الكتاب عشرين سنة بعد تأسيسه شركة ميكروسوفت. يعرض الكاتب لشذرات من حياته ويناقش آفاق التواصل عبر الأنترنيت وتطويرات الطريق السريع للمعلومات. لكن هذا العرض يركز على أسلوب عمل بيل وشخصيته أساسا.. هذه دروس تاريخ شخصي تستحق أن تقرأ، تاريخ نجاح لا نظير له، ويجب على كل قارئ طموح أن يطلع على وصفة هذا النجاح. بداية يهنئ بيل نفسه لأنه تربى في أسرة على دراية بعالم الأعمال وتشجع أطفالها على طرح الأسئلة، ويشكر جمعية الأمهات في المدرسة التي تعلم فيها لأنها وفرت له فرصة التعامل مع الكومبيوتر، وقد كانت الساعة تكلف 40 دولارا على كومبيوتر ضخم جدا يتجاوز سعره مليون دولار، كان ذلك في منتصف الستينيات من القرن العشرين، أما الآن فقد انكمش حجم هذه الجهاز وزادت قوته وانخفض سعره. كان بيل غيتس معجبا بليوناردو دافينتشي لأنه عبقري في مجالات عديدة وسبق زمنه بمسافات كبيرة. كان بيل يطالع كثيرا، لذا يحكي طرائف قديمة ويستشهد بسلاسة بآدم سميث وأنطوان دو سان إكزوبيري وجيمس بيرك وسكوت فيتزجرالد و فيلليني وجيمس واطسون وجورج أورويل، ومازال يفكر في قراءة سير كل الحاصلين على جائزة نوبل في السنين الأخيرة... كان بيل مهتما بالرياضيات، وقد أدرك أهمية الكومبيوتر، كتب أول برنامج للكومبيوتر وعمره ثلاث عشرة سنة، أي عام 1968، دخل كلية هارفارد عام 1973 وكان الطلبة يلقبونه بفتى الكومبيوتر، كانوا منشغلين بالمظاهر والاستعراض وكانوا ينعتونه بالبرود، بينما كان منعزلا عنهم يعمل مع شركات برمجيات في العطل الصيفية لتمويل ساعات تعامله مع الكومبيوتر. أعجب بيل بالكومبيوتر لأنه يقدم نتائج فورية وتغذية راجعة في الحين، وقد تخصص في صناعة البرمجيات، أي التعليمات التي تخبر المكونات المادية للكومبيوتر بما تفعله، وقد أدرك أن البرمجيات – وليس الجهاز نفسه - هي المدخل الأساسي للكومبيوتر، لذا بدأ بتأسيس شركة لصناعة برمجيات لجهاز قرأ عن اختراعه ولم يره بعد (ص 32)، وقد أسرع خشية أن يمتلك أحد غيره نفس الفكرة فيسبقه، أكد أن تلك هي فرصته أو ستضيع إلى الأبد، وبذلك كانت أول شركة للبرمجيات في العالم قد ولدت، واسمها ميكروسوفت، وكان شعارها هو كومبيوتر على كل مكتب وفي كل بيت. كسب الفتى بعض دولارات البداية من لعب البوكر.. حينها، أي في 1975، أخذ إجازة - من هارفارد بعد أن قضى فيها سنتين - على أن يستكمل دراسته لا حقا. كان هدفه واضحا، يقول: "في التاسعة عشرة تشكلت في ذهني رؤية المستقبل واخترت مهنتي على أساس ما رأيته". "لقد تخيّلت وأنا ابن العشرين الأثر الذي يمكن أن تتركه الكومبيوترات رخيصة الثمن". وقد وعد بيل أن يحدث الكومبيوتر في حياتنا نفس الأثر الذي خلفه اختراع المطبعة في الغرب، أي سيوفر كل المعلومات وسيسهل التواصل، وقد تحقق الوعد. بدأ بيل – وصديقه بول آلان - بوضع لغة البازيك في خمسة أسابيع، كان يعمل ليل نهار ولا ينام إلا قليلا؛ في كتابه يفتخر بدوره في إدخال العالم في عصر المعلوميات. كان سبقا للتحضير ليخدم الذكاء الصناعي البشري بأقل كلفة. النجاح والفشل.. على آدم سميث أن يقر عينا في قبره بفضل هذه الرؤية الجديدة، صار بيل أغنى رجل في العالم، ومع ذلك لم يتوقف عن العمل والإبداع لأنه يخشى أن تفقده المنافسة موقعه؛ يقول إن لحظة النهاية قد تأتيه سريعا لأنه يتزعم السوق، ويقرّ بأنه من الصعب أن يعتبر الإنسان نفسه في أزمة في أوج ازدهاره، لكن هو يفعل ذلك؛ وهذا ما يجعله في حالة تحفز دائم ليحافظ على الصدارة، يقول: "النجاح معلم سيئ للغاية، فهو يزين للأذكياء أن يتصوروا أنه ليس بالإمكان أن يخسروا"، وهذا يجعلهم ينظرون وراءهم كثيرا، ينصحهم ألا يمضوا الكثير من الوقت في النظر إلى الوراء، لأنه "لا تستطيع أن تعول على نجاحات حققتها، فهناك دائما منافس ما يجهد في ملاحقتك". ما العمل؟ من فرط خوفه من الفشل، يستمتع بالتجريب، وقد استقطب وشغل في ميكروسوفت مدراء شركات برمجيات فاشلة، لأنه يعتقد أنه عندما تفشل تصبح مجبرا على أن تكون مبدعا، يقول هذا وهو يعرف أن التغيير يثي أنه يعني نوعا من التهديد، فالتغيير يزعزع الأوضاع والترتيبات السائدة، لكنه تغيير مفيد، برهنت الرأسمالية من خلاله على تفوقها على غيرها من النظم الاقتصادية، فالمنتجون يصنعون أفضل كل يوم، والمستهلكون يشترون من عرض أكثر تنوعا.. لذا يقول غيتس إن على آدم سميث أن يقر عينا في قبره (ص253). وقد ساهمت الإنترنيت، وسيساهم الطريق السريع للمعلومات في تطوير عالم التجارة والأعمال. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: موضوعات عامة |
||||||||||||||
|
|
|