رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-29-2019, 03:59 PM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70، 71]. جعل الله -سبحانه وتعالى- لنا مواسم للخيرات، يزداد فيها المؤمن إيمانًا، ويتوبُ فيها العاصي إلى الله، فالسعيد من اغتنم هذه المواسم المباركة فيملؤها بالطاعات، والشقي من حرم نفسه خيرها، ومن هذه المواسم المباركة شهر المحرم، الذي يظلنا في هذه الأيام. شهر المحرم هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله -عز وجل- عنها في كتابه العزيز: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ…) [التوبة: 36]. وقد فصلت السنة النبوية المشرفة هذه الأشهر الحرم، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". وذهب بعض أهل العلم إلى أن أفضل الأشهر الحرم هو شهر المحرم؛ قال الحسن البصري: "إن الله افتتح السنة بشهر حرام، وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة، بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم". وكان اسم المحرم في الجاهلية صفر الأول، ثم لما جاء الإسلام سماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهرَ الله المحرم، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ". فلمَ خُصَّ المحرم بهذا الاسم: "شهر الله" دون سائر الشهور، مع أن فيها ما يساويه في الفضل أو يزيد عليه كرمضان؟! في الديباج على مسلم وجدت ما يجاب به: أن هذا الاسم إسلامي دون سائر الشهور؛ فإن أسماءها كلَّها على ما كانت عليه في الجاهلية، وكان اسم المحرم في الجاهلية صفر الأول، والذي بعده صفر الثاني، فلما جاء الإسلام سماه الله المحرم، فأضيف إلى الله بهذا الاعتبار". وإضافته إلى الله -عز وجل- تدل على شرفه وفضله؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته؛ كما نسب محمدًا وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرَهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته، كما في قوله -عز وجل-: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً) [هود: 64]، وكما في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد مر بالروحاء سبعون نبيًّا… يؤمون بيت الله العتيق". ومن فضائل شهر المحرم أن الله نجى فيه موسى وبني إسرائيل من فرعون وقومه؛ عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟"! قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى شكرًا لله، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ". وليس صيامه -صلى الله عليه وسلم- له تصديقًا لليهود بمجرد قولهم، بل كان يصومه مع قريش قبل البعثة؛ لما في الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُهُ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ: "مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ". وفي فضل الصيام في شهر المحرم قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ". فهذا الحديث فيه تصريح بأن المحرم هو أفضل الشهور لصوم التطوع، وقال القرطبي: "إنما كان صوم المحرم أفضل الصيام من أجل أنه أول السنة المستأنفة، فكان استفتاحها بالصوم الذي هو أفضل الأعمال". وانطلاقًا من هذا الحديث فإن أفضل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم في شهر المحرم هو الصيام، فينبغي لكل مسلم أن يكثر من صيام التطوع فيه، ولنتذكر أن الصوم له فضله وثوابه العظيم عند الله -عز وجل-؛ فعن سهل -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟! فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ". وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا". وعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ -رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ". أما عن فضل صوم عاشوراء؛ فعن أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ". لقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على صوم يوم عاشوراء، وإرشاد أمته إلى صيام ذلك اليوم المبارك؛ لتنال المغفرة الربانية الكريمة، وذلك من خلال أحاديثٍ كثيرة؛ منها: عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ عَاشُـورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: "مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ". قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ". ونحن أيضًا ينبغي أن نعود أطفالنا الصغار فعل الخيرات، ونعلمهم اتباع سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- منذ نعومة أظفارهم، ولذا علينا أن نعرِّفهم فضل صوم رمضان والمحرم وغير ذلك من مواسم الخيرات، ونشجعهم على الصيام، وذلك بأن نعطيهم بعض الهدايا أو القليل من المال، ولنتذكر الحكمة المعروفة: أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فالتربية الصحيحة في سن الطفولة لها أثر كبير في حياة الإنسان. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ -يَوْمَ عَاشُورَاءَ- وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ". عن عطاء أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنه- يقول في عاشوراء: "خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر". فانظر -أخي الكريم- إلى هذا الفضل الجزيل من رب كريم، واغتنم هذه الفرصة المباركة، التي قد لا تعود أبدًا، فالأعمار بيد الله، فاعقد النية من الآن على الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم، وخاصة يوم عاشوراء، ولا تجعل هذا اليوم يمر عليك دون أن تصومه، إلا إذا كنت صاحب عذر شرعي كمرض أو كبر سن أو غير ذلك؛ فصوم يوم عاشوراء كما رأينا له فضل عظيم عند الله، فعلى كل مسلم أن يغتنم صوم هذا اليوم خالصًا لله وحده؛ رجاء أن يغفر الله له ذنوب السنة الماضية. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: رسول الله صلى الله عليه وسلم |
||||||||||||||
|
|
|