مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
03-29-2014, 01:13 PM | #1 | |||||||||||||
شكراً: 3,462
تم شكره 3,976 مرة في 2,568 مشاركة
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فإن من الذنوب العظيمة عند الله الأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله قال تعالى﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ [الأعراف: 97] أي: عذابنا ونكالنا ليلاً وهم نائمون ﴿ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأعراف: 98] أي: في نهارهم وهم في شغلهم وغفلتهم ﴿ أَفَأمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99] أي: بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم* وذلك أن هؤلاء القوم المكذبين للرسل كقوم نوح وعاد وثمود أغدق الله عليهم النعم والخيرات مع عصيانهم لله، فاستبعدوا أن يكون مكراً واستدراجاً من الله أو أن يأتيهم العذاب في أي لحظة* قال قتادة رحمه الله: بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوماً إلا عند سلوتهم وغرتهم ونقمتهم، فلا تغتروا بالله. قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تعليقه على قوله ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ﴾ هذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفاً وجلاً أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعياً بقوله: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وأن يعمل ويسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن، فإن العبد ولو بلغت به الحال ما بلغت فليس على يقين من السلامة. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: في قوله تعالى﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ﴾دليل على أن لله مكراً* والمكر هو التوصل إلى الإيقاع بالخصم من حيث لا يشعر ومنه جاء في الحديث: «الحرب خدعة»، فإن قيل: كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم؟! قيل: إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه* ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق، فلا يجوز أن نقول: إن الله ماكر، وإنما نذكر هذه الصفة في مقام تكون فيه مدحاً مثل قوله تعالى: ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ﴾ [الأنفال: 30] ومثل قوله تعالى: ﴿وَمَكَرُواْ مكراً وَمَكَرناَ مكراً وهُم لَا يَشعُرُونَ ﴾ [الأنفال: 50]. ومثل قوله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 99] ولا تُنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق، بل إنها في المقام الذي تكون فيه مدحاً يوصف بها، وفي المقام الذي لا تكون فيه مدحاً لا يوصف بها، وكذلك لا يسمى الله بها فلا يقال: إن من أسماء الله الماكر. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44] وقال إسماعيل بن رافع: الأمن من مكر الله إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة* وقد فسر بعض السلف المكر بأن الله يستدرجهم بالنعم إذا عصوه من صحة الأبدان ورغد العيش وغيرها، ويملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]. أما القنوط من رحمة الله فهو استبعاد العبد الفرج واليأس منه وأن الله يغفر له ويرحمه، وهو يقابل الأمن من مكر الله، وكلاهما ذنب عظيم قال تعالى: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [الحجر: 56] وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53] قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن في كتابه فتح المجيد: قوله: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56] مع قوله: ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99] دليل على أنه لا يجوز لمن خاف الله أن يقنط من رحمته، بل يكون خائفاً راجياً يخاف ذنوبه ويعمل بطاعة الله ويرجو رحمته قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 57] وقال تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 9] قال الحسن البصري: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق خائف وجل، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. وقال تعالى حاكياً عن خليله إبراهيم عليه السلام - لما بشرته الملائكة بابنه إسحاق ﴿ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ [الحجر: 54] لأن العادة أن الرجل إذا كبر سنّه وسنّ زوجته استبعد أن يولد له منها، والله على كل شيء قدير* فقالت الملائكة: ﴿ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ ﴾ [الحجر: 55] الذي لا ريب فيه، فإن الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون ﴿ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ﴾ أي: من الآيسين وقال تعالى حاكياً عنه: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56] فإنه يعلم من قدرته وحكمته ما هو أبلغ من ذلك وأعظم. روى عبد الرزاق في مصنفه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه: أنه سُئل عن أكبر الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله. والشرك بالله أعظم الذنوب عند الله قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48] واليأس من روح الله أي: قطع الرجاء والأمل من الله فيما يخافه ويرجوه، فإذا كان في كربة أو شدة يستبعد زوالها، وذلك إساءة ظن بالله، وجهل به وبسعة رحمته وجوده ومغفرته قال تعالى عن نبيه يعقوب عليه السلام: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]. روى الترمذي في سننه من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال:«كيف تجدك؟» قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:«لا يجتمعان في قلب عبدٍ في مثل هذا الموطن إلا أعطاهُ الله ُما يرجو وآمنه مما يخاف». وفي هذا الحديث الجمع بين الخوف والرجاء، فإذا خاف فلا يقنط ولا ييأس بل يرجو رحمة الله، وكان السلف يستحبون أن يقوّي في الصحة الخوف* وفي المرض الرجاء. قال أبو سليمان الداراني: وينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فسد القلب روى مسلم في صحيحه من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام يقول: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل» . روى الترمذي في سننه من حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: «لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات». والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. . ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
|||||||||||||
|
|
|