مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
08-09-2016, 03:20 AM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
بسم الله الرحمن الرحيم وإني لأدعو الله حتى كأنني *** أرى بجميل الظن ما الله صانعُهحسن الظن بالله تعالى الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد؛ فإنَّ من العبادات القلبيَّة التي ندب إليها ديننا: حسن الظن بالله، فما هو حسن الظن؟ وماذا فيه من فضل؟ وما مواطنه؟ وماذا يحمل عليه؟ وما الفرق بينه وبين الغرور؟ أسئلة ستكون الإجابات عنها مادةَ هذه المقالة بمشيئة الله. معنى حسن الظن توقُّع الجميل من الله تعالى. الترغيب في حسن الظن بالله 1/ حسن الظن من حسن العبادة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن حسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة» رواه أبو داود والترمذي. 2/ أن من أحسن ظنه بالله آتاه الله إياه. ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي» متفق عليه. وفي المسند عنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إنْ ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله». والمعنى: "أعاملُه على حسب ظنه بي، وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر"([1]). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : "والذي لا إله غيرُه ما أُعطي عبدٌ مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنَّه؛ ذلك بأنَّ الخيرَ في يده» رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن. قال سهل القطعي رحمه الله: رأيت مالك بن دينار رحمه الله في منامي، فقلت: يا أبا يحيى ليت شعري، ماذا قدمت به على الله عز وجل؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة، فمحاها عني حسن الظن بالله رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن. مواطن حسن الظن بالله ينبغي للمؤمن أن يحسن ظنه بالله في كل موطن وحال، فإنما نحن بالله، ولا حول ولا قوة لنا إلا به، ومن أشقى ممن وكله الله إلى نفسه؟ وأيُّ هلاكٍ ينتظره؟! ويتأكد حسن الظن بالله في مواطن، منها: عند الموت فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: «لا يموتَنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل» رواه مسلم. ودخل واثِلَةُ بن الأسْقَع على أبي الأسود الجُرَشي في مرضه الذي مات فيه، فسلم عليه وجلس. فأخذ أبو الأسود يمين واثلة، فمسح بها على عينيه ووجهه، فقال له واثلة: واحدةٌ أسألك عنها. قال: وما هي؟ قال: كيف ظنك بربك؟ فأومأ أبو الأسود برأسه، أي حسن. فقال واثلة: أبشر؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» رواه أحمد. وعن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال: «كيف تَجِدُكَ»؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمَنه مما يخاف» رواه الترمذي. وفي كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا، قال حاتم بن سليمان: دخلنا على عبد العزيز بن سليمان وهو يجود بنفسه، فقلت: كيف تجدك؟ قال: أجدني أموت. فقال له بعض إخوانه: على أية حال رحمك الله؟ فبكى، ثم قال: ما نعول إلا على حسن الظن بالله. قال: فما خرجنا من عنده حتى مات. عند الشدائد والكرب فإنَّ الثلاثة الذين تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك لم يُكشف عنهم مابهم من كرب وضيق إلا بعدما أحسنوا الظن بربهم، قال تعالى: (( لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{ [التوبة/ 117-118]. وتأمل في قوله: }وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه)) . فلما أحسنوا الظن بالله رزقهم الله إياه. عند ضيق العيش ففي جامع الترمذي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشِكُ الله له برزق عاجل أو آجل». وإنزالها بالله: أن توقن وتظن أن الله تعالى يفرِّجُ عنك ويزيلها. عند غلبة الدَّين ومن عجيب ما قرأتُ في هذا الباب ما ثبت في صحيح البخاري م ن قول الزبير بن العوام لابنه عبد الله رضي الله عنهما: يا بني إن عجَزت عن شيء من ديني فاستعن عليه مولاي. قال عبد الله: فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟. قال: الله. قال: فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه. عند الدعاء فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» رواه الترمذي. فإذا دعوت الله -أيها المؤمن- فعظم الرغبة فيما عنده، وأحسن الظن به. عند التوبة فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربِّه عز وجل- قال: «أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أنَّ له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك» رواه مسلم. أي: ما دمتَ أنَّك تذنب وتتوب فإني أتوب عليك ولو تكرر الذنب منك. وإني لآتي الذنب أعرف قدره ----- وأعلم أن الله يعفو ويغــفرُ لئن عظَّم الناس الذنوب فإنها--وإن عظمت في رحمة الله تصغُرُ قال أحمد بن أبي الحواري: وقفت بجانب أبي سليمان الداراني وهو لا يراني، فسمعته يناجي ربَّه ويقول: " لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بتوبتي لأطالبنك بسخائك، ولئن أدخلتني النار لأخبرنَّ أهلها أني أحبك" رواه البيهقي في شعب الإيمان. فما الذي يحمل على حسن الظنِّ بالله؟ آية في كتاب الله: (( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)) . [الأحزاب/43]. فيحمل على حسن الظن رحمةُ الله التي وسعت كلَّ شيء.. يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «لما قضى الله الخلق كتب في كتابه -فهو عنده فوق العرش-: إن رحمتي غلبت غضبي» رواه البخاري. يأتي جبريلُ عليه السلام إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: "لما أغرق الله فرعون قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل). [يونس/90]، فلو رأيتني يا محمد وأنا آخذ من حال البحر([2]) فأدسُّه في فيه؛ مخافةَ أن تدركَه رحمة الله» رواه الترمذي. السبية التي أضاعت صبيَّها، ماذا كان حالها بعدما وجدته؟ أخذته –أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه- وأغرقته بعطفها وحنانها، وملأت جسده بقبلاتها، واحتوته بصدرها، وبللت وجهه بدمعها، ورفرفت من الفرح أجنحةُ قلبها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار»؟ فقالوا: لا والله، وهي تقدِر على أن لا تطرحَه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أرحمُ بعباده من هذه بولدها» متفق عليه. يخبرُ صلى الله عليه وسلم عن آخر أهل النار خروجاً منها ومحاورتِه لربه: « ربِّ اصرف وجهي عن النار؛ فإنه قد قَشَبَنِي([3]) ريحها وأحرقني ذكاؤها. فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوه ثم يقول الله تبارك وتعالى: هل عسيتَ إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا أسألُك غيره. ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله. فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب قدِّمني إلى باب الجنة. فيقول الله له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الذي أعطيتك؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك! فيقول: أي رب، ويدعو الله حتى يقول له: فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا، وعزتك. فيعطي ربه ما شاء الله من عهود ومواثيق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا قام على باب الجنة انْفَهَقَت([4]) له الجنة، فرأى ما فيها من الخير والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت([5]) ثم يقول: أي رب أدخلني الجنة. فيقول الله تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك! فيقول: أي رب لا أكونُ أشقى خلقك. فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منه، فإذا ضحك الله منه قال: ادخل الجنة، فإذا دخلها قال الله له: تمنه. فيسأل ربه ويتمنى، حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا، حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى: ذلك لك، ومثله معه» متفق عليه. فما أعظمَ رحمةَ الله! وما أوسع فضله!! يقول سفيان الثوري رحمه الله: "ما أحبُّ أن حسابي جُعل إلى والدي؛ فربي خيرٌ لي من والدي" رواه البيهقي في شعب الإيمان. أفلا يحمل هذا كلُّه المؤمن على أن يكون حسن الظن بربه؟؟ الفرق بين حسن الظن والغرور حسن الظن الذي يثيب الله عليه هو الذي يحمل على أمرين: فعل الصالحات، وترك المنكرات. وأما أن يدعي أحد أنه يحسن الظن بربه وهو سادر في غيِّه، منهمك في المعصية، تارك للفضائل والخيرات، فهذا عبد تسلَّط الشيطان عليه. قال ابن القيم رحمه الله: "وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأنَّ حسن الظن إن حمَل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور، وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاءً ورجاؤه بطالةً وتفريطاً فهو المغرور"([6]). وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: وإحسان الظن بالله لابد معه من تجنُّب المعاصي، وإلا كان أمنًا من مكر الله، فحسن الظن بالله مع فعل الأسباب الجالبة للخير وترك الأسباب الجالبة للشر هو الرجاء المحمود. وأما حسن الظن بالله مع ترك الواجبات وفعل المحرمات فهو الرجاء المذموم، وهو الأمن من مكر الله"([7]). فالمؤمن يجمع بين حسن الظن وحسن العمل والخوف من الله تعالى، ولا تعارض بين هذا كلِّه. ثبت في سنن الترمذي، عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)) [المؤمنون/60]. فقالت: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال لها نبينا صلى الله عليه وسلم: «لا يا بنت الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يُقبل منهم، - ( أولئك الذين يسارعون في الخيرات )-». يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : "إني لأعرف اليوم ذنوبا هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر" رواه أحمد. ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : "المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فقال به هكذا" رواه البخاري. ويقول الحسن البصري رحمه الله: "إن المؤمن أحسنَ الظن بربه فأحسن العملَ، وإن الفاجر أساءَ الظن بربه فأساءَ العمل" رواه أحمد في الزهد. اللهم املأ قلوبنا حسنَ ظن بك. ربِّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمدُ لله رب العالمين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أشعار في حسن الظن بالله تعالىولقد أحسن من قال هذه الأبيات في هذا المعنى : أيا رب هب أني أسأتُ وأذنبتُ * ألم يكفني قولي فعلتُ وأخطأتُ أما جاز في شرع السموّ بأنكم * تعفون عني إذ عرفتُ وأقررتُ فقد قلت هذا القول مني لدونكم*فغضّ عن الذنب الجموح بما قلتُ وليس كريم من رضى إذ منحته*وفائي ولكن من تغاضى وقد خنتُ فما زال حسن العفو منكم سجية*على سفه التكرار منّي وإن تُبتُ إذا جاءك العبد المطيع لخشية* من النارأو بخل تَقَضّى به الوقتُ عمدت إلى درع من الحلم صاغه* رجائي بعفو منكم فتدرّعتُ فأطفأت نارالخوف ثَمَّ ببرد ما* ظننت بكم فيما رجوتُ وأمَّلت ُإذا كانت الذات القديمة عفوها* قديم وماصرت وكان وقد صرت فسوف ارجّيهِ وإن بَعُدَ المدى* عليّ وإن حلت ذنوبي إذا متُ ولو لم يكن من ذاتك العفو شاهداً*أمرت به بين الورى كنت قد خفتُ ولكن وزنت العفو منكم بأخذكم*على الجُرم فاسترجحتُه فترجّحتُ فلي الفخر في الدنيا وإن كنت ابقاً*إذاكنتَ لي مولىَ سعدتُ وأسعدتُ وكيف أرى ناراً وقد ظفرت يدي*بمن قال :كن، من غير ما لم يكن، كنتُ وشيمته عفو وحلم ونائل * ولطف وإحسان رأيتُ وشاهدتُ فأنت غنائي إن قضمت من الحصا*شِقاً في اختيارٍ منكم أوتنعّمتُ وقال آخر: يارب إن عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بأن عفوك أعظم أدعوك ربّ كما أمرت تضرّعاً * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم إن كان لا يرجوك إلاّ محسن * فبمن يلوذ ويستجير المجرمُ!؟ ما لي إليك وسيلة إلا الرجا * وجميل عفوك ثم إني مسلمُ وقال آخر : من لي سواك فأدعوه وآمله * وغير نعماك أرجوها وأرتقب أو ليتني نعماً جَلَّت مواهبها*أضاء لي عندها المعروف والحسب أخرجتني بعظيم اللطف من عدم* معرّضاً لثواب منك يكتسب رفعتني بعد ماقد كنتُ منخفضاً*فصرت بين الورى تسمو بي الرتب فلا أطيق لما أوليت من نعم * شكراً ولكنني أبكي وأنتحب ذلاً وخوفاً من التقصير ياملكي*فهب ، وشيمة أهل الفضل أن يهبوا لكنّ قلبي بما أجريتَ معترف* فرضاًعليه يراه لازماً يجب فاصفح إلهي، فهذا الظن فيك على*حسناك حتى يزول الهم والكرب وقال اخر يخاطب الله تعالى: أجلُكَ عن تعذيب مثلي على ذني * ولا ناصر لي غيرنصرك ياربي أنَا عبدك المحقور في عظم شأنكم*من الماء قد أنشأت أصلي ومن ترب ونقلتني من ظهرآدم نطفة*أجدّ وفي قعرحريج (1) من الصلب وألقيتني من ضيقِ قعر بِمَنِّكُمْ*وإحسانكم أهوي إلى الواسع الرحب فحاشاك في تعظيم شأنك والعلى* تعذب محقوراً بإحسانكم ربي لأنا رأينا في الأنام معظّماً*تجلى عن المحقورفي القتل والضرب وأرفده مالاً ولوشاء قتله*لقطعه بالسيف إرباً على إرب وأيضاً إذا عذبت مثلي وطائعاً*تُنَعِّمَه فالعفوفيكم لمن تحبي فإني متى مازنته بعقابكم* وأخذِكُمُ بالجرِم مِنّيَ يَرجُح بي فما هو إلا لي فمنذ رأيته *لكم شيمة أعددته المحوَ للذنب وأطمعتني لما رأيتك غافراً *ووهاب قد سميتَ نفسك في الكَتب فإن كان شيطاني أعان جوارحي*عصتكم ، فمن توحيدكم ماخلا قلبي فتوحيد كم فيه وآل محمد * سكنتم به في حبّة القلب واللب وجيرانكم هذي الجوارح كلها*وأنتم فقد أوصيت بالجار ذي الجنب وأنصار أبنا العُرب تحمي نزيلها* وجيرانها والتابعين من الخطب فلم لا ارجّي فيك ياغاية المنى*حمىً مانعاً، إذ صح هذا من العرب ــــــــــــــــــــــــــ يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه الحسن بن أبي الحسن الديلمي -أعانه الله على طاعته وتغمده الله برأفته ورحمته - إني حيث ذكرت ما ذكرت من التخويف والترهيب ، اقتضت الحال ذكر أسباب الترغيب ، وماجاء، في ذلك من سعةرحمة الله ، وعظيم كرمه، وواسع حلمه وعفوه ، ونتيجة الظن به، لينبسط الرجاء بذلك ، كما اشتد الخوف . والذي امركم به - أيها الاخوان - أن يشتد خوفكم ، ويعظم حذركم ، فإنذلك أدعى للنجاة. وأضرب لكم مثل رجلين توجها في طريق فسألا عنها، فقال لهماقوم : إنها كثيرة المرعى والكلأ، غزيزة الماء، عظيمة الأمن ، وقال آخرون : بل هي طريق موحش ، قليل الماء والكلأ والمرعى، مخوف شديد الخطر، فأخذ أحدهما بقول منشهد بالمخافة، فتزوّد وأكثرمن الزاد والماء والعدد، وما يؤنسه ، وكل ما تحصل بهالسلامة والأمن . وسكن الآخر واطمأن إلى قول من أخبره بسلامة الطريق وأمنها،وكثرة كلئها ومرعاها . فلما سارا فيها، وجدها الذي تزود على ما حذرها ، ففاز بالنجاة والسلامة بكثرة الأزواد، وهلك وعطب الذي لم يتزود، وندم حيث لم تنفعه الندامة . ولو قدرنا أنهما لووجدا الطريق على ما وصفها الواصفون لها، بالأمن وكثرةالماء والمرعى، اكان يضر الذي عمل بالحزم واحتاط لنفسه بالزاد؟ فتيقظوا - رحمكم الله - وتفكروا في المثل ، وانظروا فيه ، فإنه عبرة لأوليالألباب ، وتبصرة لمن أناب وعرف الصواب . وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال رسول الله صلى الله عليه واله : «غضوا أبصاركم ، واحفظوا ألسنتكم ، وحصنوا فروجكم ، وكفوا أيديكم ، واعلمواأن الأيام صحائف أعمالكم ، فلا تخلدوا إلى الأيام ونعيمها، ورب مستدرجبالإحسان إليه ، مفتون بحسن القول فيه ، مغرور بالستر عليه » . ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
||||||||||||||
|
|
|