مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-20-2015, 04:48 PM | #1 | |||||||||||||
شكراً: 3,462
تم شكره 3,976 مرة في 2,568 مشاركة
|
الجواب : الحمد لله أولاً : ثبت عذاب القبر ونعيمه عند أهل السنَّة والجماعة ، كما جاء ذلك دلت في الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، وعليه أجمع سلف الأمة . وأن الأصل في عذاب القبر ونعيمه أنه على الروح ، وقد تتصل الروح بالبدن فيصيبه شيء من العذاب أو النعيم . وأن عذاب القبر منه ما يستمر إلى قيام الساعة ، ومنه ما ينقطع . ثانياً : ينبغي أن يُعْلم أن كثرة الحسنات على السيئات ليست بمنجية صاحبَها من عذاب القبر بذاتها ؛ لأن الوعيد المترتب على العذاب في البرزخ ، ليس هو الوعيد المترتب على العذاب في نار جهنم ، وقد يأتي المسلم بسبب واحد من أسباب العذاب في قبره ، فيعذَّب عليها ، وله أمثال الجبال من الحسنات . والميزان الذي توزن به أعمال الناس فيشقى بعده طوائف خفت موازينهم ، ويسعد آخرون ثقلت موزاينهم : إنما يكون في آخر المطاف ، بعد أن يقطع الناس أشواطاً في مراحل الدار الآخرة . قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله - : والذي تدل عليه الآي ، والأخبار : أن من ثقل ميزانه : فقد نجا وسلِم ، وبالجنة أيقن ، وعلِم أنه لا يدخل النار بعد ذلك ، والله أعلم . " التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة " ( ص 272 ) . والمسلم الذي نفترض كثرة حسناته لو وضعت في الميزان بعد موته مباشرة : لا ينجو من عذاب القبر، إن شاء الله تعذيبه على بعض سيئاته تلك ، وليتأمل الأخ السائل المسائل التالية فهي تحل الإشكال الوارد في ذهنه : 1. من كثرت حسناته على سيئاته وأجاب الملَكين في القبر عن أسئلتهم : لا يعني بالضرورة أنه ينجو من عذاب القبر إذا جاء بما يستحق عليه العذاب من سيئاته تلك ، وشاء الله أن يعذبه عليها في قبره . 2. من كثرت حسناته على سيئاته ليس بالضرورة إذا رأى مقعده من الجنة في قبره ، أنه لن يعذَّب على ما شاء الله من ذنوبه ، وللعلماء في هذا قولان : الأول : أن من ارتكب سيئات وشاء الله تعذيبه في القبر ، وهو في الآخرة من أهل الجنة : أنه يرى مقعده من الجنة باعتبار مآله . والثاني : أنه يرى مقعده من النار باعتبار حاله . وعليه : فإن زيادة حسنات العبد على سيئاته ، ليس بمانع من أن يعذب في قبره على بعض ذنوبه التي ورد الوعيد لفاعلها بالعذاب في قبره . مثل عقوبة المرابي وأنه يسبح في نهر دم ، وعقوبة الزناة والزانيات ، والعقوبة على النميمة ، والغلول من الغنائم ، والكذب ، وعدم الاستبراء من البول ، وغير ذلك مما جاءت النصوص واضحة في التنصيص على معاصٍ بعينها . ثالثاً : ومن حكمة الله تعالى أنه لم يجعل الميزان أول موت العبد ؛ ويبدو لنا بعض الحكَم من ذلك نرجو أن تكون موافقة للصواب : 1. أنه يُخفف حِمل السيئات على العاصي بما يصيبه من عذاب القبر ؛ تخفيفاً عنه من عذاب جهنم ، ولا شك أن ما يصيب العاصي من عذاب القبر أهون عليه مما يصيبه من نار جهنم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الآلام التي هي عذاب : فإن ذلك يُكفِّر الله به خطاياه ، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا حزَن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله به من خطاياه ) . " مجموع الفتاوى " ( 24 / 375 ) . قال رحمه الله : السبب الثامن : ما يحصل في القبر ، من الفتنة ، والضغطة ، والروعة ، فإن هذا مما يكفّر به الخطايا . " مجموع الفتاوى " ( 7 / 500 ) . 2. أنه ليس كل مَن جاء بحسنات تبقى معه حتى يدخل بها الجنة ، ولا من جاء بسيئات تبقى معه حتى يدخل بسببها النار ، فثمة ما يُسمَّى " المقاصة " ، وهو أخذ أصحاب الحقوق من حسنات من ظلمهم ، أو إلقاء سيئاتهم عليه ، كما في حديث " المفلس " الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ، وهذا إنما يكون قبل الميزان . قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله - : و أما المخلِّطون : فحسناتهم توضع في الكفة النيرة ، وسيئاتهم في الكفة المظلمة ، فيكون لكبائرهم ثقل ؛ فإن كانت الحسنات أثقل ، ولو بصؤابة – وهي بيضة القَمْل - : دخل الجنة ، وإن كانت السيئات أثقل ، ولو بصؤابة : دخل النار ، إلا أن يغفر الله ، وإن تساويا : كان من أصحاب الأعراف ، هذا إن كانت الكبائر فيما بينه وبين الله ، وأما إن كانت عليه تبعات ، وكانت له حسنات كثيرة : فإنه ينقص من ثواب حسناته بقدر جزاء السيئات ؛ لكثرة ما عليه من التبعات ، فيحمل عليه مِن أوزار مَن ظلمه ، ثم يعذب على الجميع ، هذا ما تقتضيه الأخبار . " التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة " ( ص 269 ، 270 ) . 3. أنه لم تنقطع الحسنات ، ولا السيئات بالموت ، بل ثمة " حسنات جارية " ، و " سيئات جارية " ، فالأول : كمن تصدَّق بصدقة جارية ، أو علَّم علماً نافعاً ، أو دلَّ غيره على عمل صالحٍ ، أو كان له ذرية يعملون بعد موته بطاعات ، وكل ذلك مما يجعل للميت مجالاً لزيادة الحسنات ، وأما الثاني : فهو لمن دلَّ غيره على عمل فاسد ، أو ابتدع بدعة ، وغير ذلك مما تجري سيئات أعمالهم على فاعلها ، وعلى الميت ، الذي كان سبباً في فعل تلك السيئات والبدع . وبه يُعلم أنه ليس بالموت يقف " عدَّاد " الحسنات ، والسيئات ، ولذا نرى عظيم الحكمة في عدم اعتبار الميزان أول موت المسلم ، بل لا يكون ذلك إلا في آخر المطاف ، وبعدها يكون دخول الجنة ، أو النار ، وعندها يمكن للمسلم أن يفهم معنى قوله تعالى ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف/ 8 ، وقوله ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ . فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) القارعة/ 6 ، 7 . والله أعلم ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
|||||||||||||
|
|
|