أهلا وسهلا بكم, يرجى التواصل معنا لإعلاناتكم التجارية

انت الآن تتصفح منتديات حبة البركة

العودة   منتديات حبة البركة > القسم المتنوع > ثقاقة عامة وشعر
ثقاقة عامة وشعر معلومات ثقافية وشعر

إضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-19-2023, 02:56 PM   #1


الصورة الرمزية مجموعة انسان
مجموعة انسان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 العلاقة بالمرض: مصابة
 المهنة: لا شيء
 الجنس ~ : أنثى
 المواضيع: 56999
 مشاركات: 6368
 تاريخ التسجيل :  Aug 2010
 أخر زيارة : اليوم (04:13 PM)
 التقييم :  95
 مزاجي
 اوسمتي
التميز مشرف مميز 
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
افتراضي من الذكاء أن تكون غبيا 




نَعَمْ، شيء جميل أَنْ تَكُونَ شخصًا ذكيًا ولماحًا.. لكننا نحتاجُ أحيانًا إلى التنازلِ والتنكر خلفَ قِنـاع اللافَهم.. أو ارتداء ذلك الغباء.. أو تلك الحماقة.. التي تُخرِجنا من واقعَ ما نَحنُ فيه، ليس لأننا أغبياء، أو أننا نُريد أن نكُونَ كذلك حقًا، بل لأن ضريبة ذكائنا قد تُكَلفُنا الكثيرَ والكثير من مَشاهدَ وشَواهد قد تُحطم ما بِداخِلنا وداخِل غيرنا من مَشاعرَ وأحاسيسَ جَميلة حُملت عبر آفاق الحُبِّ إلى من نُحب أشياء كانت أم أشخاص، تَخَطت بِذوقها عَسْعَسَ الروح؛ لِتَتنفس سُمُّو التآلف الفكري والعاطفي الذي بِهما تَتقارب القلوب وتتجاذب.



فَمِنَ الذكاءِ أَنْ تَكُونَ غبياً في بعض المواقف، التي قد تكون كفيلة بإنقاذك من هذا الحطام الذي قد يطال حياتك وحياة من حولك. يرى البعض أن التظاهر بالغباء وعدم مواجهة المواقف بحزم ضعف في الشخصية، والبعض الآخر قد يراها سبيلًا لنِفاق وهَدْم لثقة، فيما الآخر يراها قمة الذكاء.. أرى أن الاستغباء فنّ يجب عليكَ أن تُتقنَ عزفهُ بذكاء.. بِتحديد متى وكيف ومع من تستخدمه؟ وإِلَّا سيكون نشازًا على من لا يُتقن عزفه بِإحكام.


إنَّ التظاهر بالغباء صعب بعض الشيء، ولا أحد يحتمل الشعور بأن هناك من يفوقونه ذكاء، وخاصة وأن النفس البشرية جبلت على حُب الظهور والتباهي، لكن التظاهر بأنك أقل ذكاء بل حتى أقرب للبلاهة يعد سلاح ذو حدين؛ ففي بعض الأحيان يكون التظاهر بالغباء حكمة وحنكة وفى البعض الآخر يكون دهاءً وخبث، فمن يستثمره بشكلٍ إيجابي ينتفع به في كافة ميادين الحياة، ممّا يؤثر إيجاباً على الفرد والمجتمع بشكل عام، بتجاوز كل العقبات والخلافات .. وصولًا إلى راحة البال.


أحيانًا نُجْبَر على الاستغباء أمام المخادعين والذين يُظْهِرونَ لنا الحب ويُخفونَ الكراهية والحقد بداخلهم، نُسايرهم ونُساير ما يسعونَ إليه ليس ضعف منا، بل لأننا نَعلم أنه لا يَحِيقُ المكرُ السَّيِّئُ إِلَّا بأَهلِهِ. فبعض الأحيان تَحدث أمامنا مواقف تُحتم علينا استخدام الغباء رغمَ وضوح الأشياء أمامنا وفهمنا لها إلا أننا نُحاول أن نُخفي ذلك عنهم. يقول الكاتب الألماني كورت توشولسكي "من الذكاء أن تمارس دور الغباء وتُظهر نفسك غبيًا أمام موقف ما وكأنك لا تفقه شيئًا".

إنَّ مُمارسة فنّ الاستغباء يُبعدنا عن شراك الاستعلاء والتكبر والعُجُب والانبهار بالذات، التي هي من أقبح الخصال البشرية، بل ومن الرذائل التي لا ينبغي للإنسان الاتصاف بها، حيث تجلت هذه الفضيلة وعلا سُموّها وجمالها بالفيلسوف والحكيم اليوناني سقراط حين ذكر تلميذة أفلاطون في كتابه (محاكمة سقراط)، أنه كان يتجوّل في أثينا، وفي شوارعها يستوقف الناس ويحاورهم، لا ليعلمهم أو يلقنهم تأملاته الفلسفية بل ليسألهم، كان يسألهم سؤال الجاهل للعالم، ويتظاهر بنوع من الغباء والبلاهة ويتدرج بأسئلته، سؤال يعقبه سؤال، والناس بطبيعتها تحبّ أن تبدي رأيها في أعظم الأشياء وأحقرها، لكنه بأسئلته يحرّك الكَوامِن في عقل المقابل وينبهه إلى الثغرات في كلامه حتى يدرك بطريقة غير مباشرة سذاجته بنفسه، وهذا ما يسمّيه الفلاسفة "سخرية سقراط".

الذكاء هو أبرز الصفات التي عليك أن تُخفف من ظُهورها في أغلب الأوقات، فتذوق الجمالي للاستغباء يقارب متعة الذكاء نفسه أحيانًا، وخاصة عندما تُظهر للآخرين أنهم أكثر ذكاءً منك وأنت بداخلك تستمتعُ بغبائهمُ الحقيقي، وهذا بلا شَكٍّ يمنع من أن تكونَ يوماً ما فريسة سهله لكلِ من أراد أن يلتهمك أو يُوقع بك، أيضًا سوف يشل ذلك حذرهم اتجاهك، بل إن الاستغباء قد يصنع المعجزات التي لا تصنعه غيره من الصفات.



إن ممارسة الاستغباء الذكي بغضّ الطرف عن بعض التجاوزات الصغيرة وكثير من الوشايات الخبيثة.. كل ذلك من شأنه امتصاص الغضب وإخماد الحقد الدفين وتقليص دوائر الناقمين والماكرين على ذواتنا وتقليل عدد حاسديها وشانئيها، وينفعنا ذلك في إعفائنا من التكليفات التي لا نريد القيام بها. علاوة على ذلك، فإن الاستغباء الذكي يضمن استمرار الحياة الزوجية، ففي بعض اللحظات نُلزم بالتنازل عن بعض القناعات، أو الأفكار -ما لم تمس الثوابت- بتجاوز المشاكل وتغاضي عن جزء كبير من الأزمات والخلافات التي قد تُهدد حياتنا الزوجية حتى نصل بها إلى بر الأمان، ونسعد بحياة زوجية تُكَلِلُها زهور التوافق العاطفي والجسدي تحت ظلال سنة الله ورسوله. ختامًا يا عزيزي، لا تُقلل من مستوى ذكائك إلا عند الضرورة الملحة التي تفرض عليك استخدم هذه الفنّ، ولا بأس بأن تجعلهُ أسلوبًا لك خصوصًا حين تكون فيه درء المفاسد بممارستك إياه (فن الاستغباء) أفضل بكثير من جَلبِكَ المنافع بتظاهرك الذكاء.. وخاصَّة إن كانت هذه المنفعة شخصية.


ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك





 
 توقيع : مجموعة انسان







رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
مرحبا أيها الزائر الكريم, قرائتك لهذه الرسالة... يعني انك غير مسجل لدينا في الموقع .. اضغط هنا للتسجيل .. ولتمتلك بعدها المزايا الكاملة, وتسعدنا بوجودك

الساعة الآن 04:26 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024