الطب النبوي مواضيع عن الطب النبوي وعن ماجاء عن حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-12-2014, 06:14 PM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
ثبت في الصحيحين:-عن نافع ، عن ابن عمر،أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال:-" إنما الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم ، فأبردوها بالماء ". وقد أشكل هذا الحديث على كثير من جهلة الأطباء ، ورأوه منافياً لدواء الحمى وعلاجها ، ونحن نبين بحول الله وقوته وجهه وفقهه ، فنقول:-خطاب النبي (صلى الله عليه وسلم)، نوعان:-1-عام لأهل الأرض ،2- وخاص ببعضهم. فالأول:-كعامة خطابه ، والثاني:-كقوله :-" لا تستقبلوا القبلة بغائط ، ولا بول ، ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا ، أو غربوا " فهذا ليس بخطاب لأهل المشرق والمغرب ولا العراق ، ولكن لأهل المدينة وما على سمتها ، كالشام وغيرها . وكذلك قوله:-" ما بين المشرق والمغرب قبلة " . وإذا عرف هذا ، فخطابه في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز ، وما والاهم ، إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية العرضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس ، وهذه ينفعها الماء البارد شرباً واغتسالاً ، فإن الحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب ، وتنبث منه بتوسط الروح والدم في الشرايين والعروق إلى جميع البدن ، فتشتعل فيه اشتعالاً يضر بالأفعال الطبيعية. وهي تنقسم إلى قسمين :- 1-عرضية:- وهي الحادثة إما عن الورم ، أو الحركة ، أو إصابة حرارة الشمس ، أو القيظ الشديد ونحو ذلك. 2-ومرضية:- وهي ثلاثة أنواع ، وهي لا تكون إلا في مادة أولى ، ثم منها يسخن جميع البدن . فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سميت حمى يوم ، لأنها في الغالب تزول في يوم ، ونهايتها ثلاثة أيام ، وإن كان مبدأ تعلقها بالأخلاط سميت عفنية ، وهي أربعة أصناف:-صفراوية ، وسوداوية ، وبلغمية ، ودموية . وإن كان مبدأ تعلقها بالأعضاء الصلبة الأصلية ، سميت حمى دق ، وتحت هذه الأنواع أصناف كثيرة . وقد ينتفع البدن بالحمى انتفاعاً عظيماً لا يبلغه الدواء ، وكثيراً ما يكون حمى يوم ، وحمى العفن سبباً لإنضاج مواد غليظة لم تكن تنضج بدونها ، وسبباً لتفتح سدد لم يكن تصل إليها الأدوية المفتحة . وأما الرمد الحديث والمتقادم ، فإنها تبرئ أكثر أنواعه برءاً عجيباً سريعاً ، وتنفع من الفالج ، واللقوة ، والتشنج الإمتلائي ، وكثيراً من الأمراض الحادثة عن الفضول الغليظة. وقال لي بعض فضلاء الأطباء:-إن كثيراً من الأمراض نستبشر فيها بالحمى ، كما يستبشر المريض بالعافية ، فتكون الحمى فيه أنفع من شرب الدواء بكثير ، فإنها تنضج من الأخلاط والمواد الفاسدة ما يضر بالبدن ، فإذا أنضجتها صادفها الدواء متهيئة للخروج بنضاجها ، فأخرجها ، فكانت سبباً للشفاء . وإذا عرف هذا ، فيجوز أن يكون مراد الحديث من أقسام الحميات العرضية ، فإنها تسكن على المكان بالإنغماس في الماء البارد، وسقي الماء البارد المثلوج ، ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلى علاج آخر ، فإنها مجرد كيفية حارة متعلقة بالروح ، فيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة تسكنها ، وتخمد لهبها من غير حاجة إلى استفراغ مادة ، أو انتظار نضج . ويجوز أن يراد به جميع أنواع الحميات ، وقد اعترف فاضل الأطباء جالينوس:-بأن الماء البارد ينفع فيها ، قال في المقالة العاشرة من كتاب حيلة البرء:-ولو أن رجلاً شاباً حسن اللحم ، خصب البدن في وقت القيظ ، وفي وقت منتهى الحمى ، وليس في أحشائه ورم ، استحم بماء بارد أو سبح فيه ، لانتفع بذلك. قال:-ونحن نأمر بذلك لا توقف . وقال الرازي في كتابه الكبير:-إذا كانت القوة قوية ، والحمى ، حادة جداً ، والنضج بين ولا ورم في الجوف ، ولا فتق ، ينفع الماء البارد شرباً ، وإن كان العليل خصب البدن والزمان حار ، وكان معتاداً لاستعمال الماء البارد من خارج ، فليؤذن فيه. وقوله:-" الحمى من فيح جهنم "،هو شدة لهبها ، وانتشارها ،ونظيره :- قوله: " شدة الحر من فيح جهنم " وفيه وجهان. أحدهما : أن ذلك أنموذج ورقيقة اشتقت من جهنم ليستدل بها العباد عليها ، ويعتبروا بها ، ثم إن الله سبحانه قدر ظهورها بأسباب تقتضيها ، كما أن الروح والفرح و السرور واللذة من نعيم الجنة أظهرها الله في هذه الدار عبرة ودلالة ، وقدر ظهورها بأسباب توجبها . والثاني : أن يكون المراد التشبيه ، فشبه شدة الحمى ولهبها بفيح جهنم ، وشبه شدة الحر به أيضاً تنبيهاً للنفوس على شدة عذاب النار ، وأن هذه الحرارة العظيمة مشبهة بفيحها ، وهو ما يصيب من قرب منها من حرها . وقوله:-فأبردوها ، روي بوجهين:- بقطع الهمزة وفتحها ، رباعي :- من أبرد الشئ : إذا صيره بارداً ، مثل أسخنه:- إذا صيره سخناً. والثاني:-بهمزة الوصل مضمومة من برد الشئ يبرده ، وهو أفصح لغة واستعمالاً ، والرباعي لغة رديئة عندهم قال:-إذا وجدت لهيب الحب في كبدي أقبلت نحو سقاء القوم أبترد،هبني بردت ببرد الماء ظاهره فمن لنار علي الأحشاء تتقد،وقوله:-بالماء ، فيه قولان. أحدهما:-أنه كل ماء وهو الصحيح . والثاني:-أنه ماء زمزم ، واحتج أصحاب هذا القول بما رواه البخاري في صحيحه عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي ، قال:-كنت أجالس ابن عباس بمكة ، فأخذتني الحمى ، فقال:-أبردها عنك بماء زمزم ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:-"إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ، أو قال: بماء زمزم " وراوي هذا قد شك فيه ، ولو جزم به لكان أمراً لأهل مكة بماء زمزم ، إذ هو متيسر عندهم ، ولغيرهم بما عندهم من الماء . ثم اختلف من قال:-إنه على عمومه ، هل المراد به الصدقة بالماء ، أو استعماله ؟ على قولين . والصحيح أنه استعمال ، وأظن أن الذي حمل من قال:-المراد الصدقة به أنه أشكل عليه استعمال الماء البارد في الحمى ، ولم يفهم وجهه مع أن لقوله وجهاً حسناً ، وهو أن الجزاء من جنس العمل ، فكما أخمد لهيب العطش عن الظمآن بالماء البارد ، أخمد الله لهيب الحمى عنه جزاء وفاقاً ، ولكن هذا يؤخذ من فقه الحديث وإشارته ، وأما المراد به فاستعماله . وقد ذكر أبو نعيم وغيره من حديث أنس يرفعه:-(إذا حم أحدكم ، فليرش عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر). وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة يرفعه:-"الحمى كير من كير جهنم ، فنحوها عنكم بالماء البارد " وفي المسند وغيره ، من حديث الحسن،عن سمرة يرفعه:-"الحمى قطعة من النار ، فأبردوها عنكم بالماء البارد " ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا حم دعا بقربة من ماء ، فأفرغها على رأسه فاغتسل . وفي السنن:-من حديث أبي هريرة قال:-ذكرت الحمى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسبها رجل ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):-" لا تسبها فإنها تنفي الذنوب ، كما تنفي النار خبث الحديد " . لما كانت الحمى يتبعها حمية عن الأغذية الرديئة ، وتناول الأغذية والأدوية النافعة ، وفي ذلك إعانة على تنقية البدن ، ونفي أخباثه وفضوله ، وتصفيته من مواده الرديئة ، وتفعل فيه كما تفعل النار في الحديد في نفي خبثه ، وتصفية جوهره ، كانت أشبه الأشياء بنار الكير التي تصفي جوهر الحديد ، وهذا القدر هو المعلوم عند أطباء الأبدان . وأما تصفيتها القلب من وسخه ودرنه ، وإخراجها خبائثه ، فأمر يعلمه أطباء القلوب ، ويجدونه كما أخبرهم به نبيهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن مرض القلب إذا صار مأيوساً من برئه ، لم ينفع فيه هذا العلاج فالحمى تنفع البدن والقلب ، وما كان بهذه المثابة فسبه ظلم وعدوان ، وذكرت مرة وأنا محموم، قول بعض الشعراء يسبها:- زارت مكفرة الذنــوب وودعــت تبــاً لهــا مــن زائــر ومودع قالت وقد عزمت على ترحالها ماذا تريد فقلت أن لا ترجعي فقلت :- تباً له إذ سب ما نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن سبه ، ولو قال:-زارت مكفـرة الذنوب لصبهــا أهلاً بها مـن زائر ومودع قالت وقد عزمت على ترحالها ماذا تريد فقلت : أن لا تقلعي لكان أولى به ، ولأقلعت عنه ، فأقلعت عني سريعاً . وقد روي في أثر لا أعرف حاله حمى يوم كفارة سنة ، وفيه قولان أحدهما : أن الحمى تدخل في كل الأعضاء والمفاصل ، وعدتها ثلاثمائة وستون مفصلاً ، فتكفر عنه - بعدد كل مفصل - ذنوب يوم. والثاني : أنها تؤثر في البدن تأثيراً لا يزول بالكلية إلى سنة ، كما قيل في قوله (صلى الله عليه وسلم): " من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ":إن أثر الخمر يبقى في جوف العبد ، وعروقه ، وأعضائه أربعين يوماً والله أعلم . قال أبو هريرة :- ما من مرض يصيبني أحب إلي من الحمى ، لأنها تدخل في كل عضو مني ، وإن الله سبحانه يعطي كل عضو حظه من الأجر . وقد روى الترمذي في جامعه من حديث رافع بن خديج يرفعه :- " إذا أصابت أحدكم الحمى - وإن الحمى قطعة من النار-فليطفئها بالماء البارد ويستقبل نهراً جارياً فليستقبل جرية الماء بعد الفجر وقبل طلوع الشمس،وليقل:-بسم الله اللهم اشف عبدك ،وصدق رسولك ، وينغمس فيه ثلاث غمسات ثلاثة أيام ، فان برئ ، والإ ففى خمس ، فإن لم يبرأ في خمس،فسبع ،فإن لم يبرأ في سبع فتسع ، فإنها لا تكاد تجاوز تسعاً بإذن الله " قلت:- وهو ينفع فعله في فصل الصيف في البلاد الحارة على الشرائط التي تقدمت ، فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده عن ملاقاة الشمس ، ووفور القوى في ذلك الوقت لما أفادها النوم ، والسكون ، وبرد الهواء ، فتجتمع فيه قوة القوى ، وقوة الدواء ، وهو الماء البارد على حرارة الحمى العرضية ، أو الغب الخالصة ، أعني التي لا ورم معها ، ولا شئ من الأعراض الرديئة والمواد الفاسدة ، فيطفئها بإذن الله ، لا سيما في أحد الأيام المذكورة في الحديث ، وهي الأيام التي يقع فيها بحران الأمراض الحادة كثيراً ، سيما في البلاد المذكورة لرقة أخلاط سكانها ، وسرعة انفعالهم عن الدواء النافع . ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: الطب النبوي |
||||||||||||||
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ مجموعة انسان على المشاركة المفيدة: |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الرسول, علاج, هدية |
|
|