|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-30-2018, 03:40 AM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
هناك خط رفيع يفصل بين الإدراك والخيال، لأننا في واقع الأمر لا نرى الأشياء كما تبدو عليه في الحقيقة المفترضة. بل كما تمليه مخيلتنا. فإذا كان خيالنا محدوداً أو منعدماً فهكذا نكون. يرى الطبيب النفسي اندي رومان، أن العلاج التخييلي يمكن أن يساعد بعض الناس للنهوض من واقعهم إلى واقع جديد وأفضل. تماما كما يحدث مع التدليك الذي يقوم بحفز العضلات لتنمو بشكل جيد. فالعلاج النفسي بمنظوره يقوم على التدخل لفتح مغاليق المخ، بحيث يساعد الإنسان على رؤية العالم بمناظير جديدة تلهمه على تجاوز الفشل. وفي المقالة العلمية التي كتبها رومان بعنوان "5 طرق علاجية عن طريق الخيال لتغيير الحياة"، يقول إنه استخدم التخييل لتلمس المشاعر الدفينة لدى الأفراد، بهدف توسيع مداركهم. أي أن تجعل القارب يضطرب، بما يساعد الشخص على أن يخلق حياة جديدة ومختلفة. ويطرح المعالج النفسي اندي رومان خمسة حلول أو قواعد تقوم على توظيف الخيال في تغيير واقع الأفراد، وهي: أولا: اليقين بأن الذكريات والتصورات قابلة للتغيير: في هذا الإطار يطرح رومان على مرتاديه، سؤالاً: ماذا لو أنك تملك أداة سحرية تستطيع أن تغير بها واقعك؟ وما الذي سوف تقوله وتفعله في هذا الموقف؟ دون أن تلقي بالاً للعواقب.. كذلك ماذا لو أنك سافرت إلى الماضي وعدت إلى طفولتك، ماذا كنت سترى؟ هذا النوع من الإلهام يساعد على أن يقوم الفرد بنسج تاريخ جديد للذات، بتلمس الذكريات الإيجابية، كذا التصورات المفيدة. ودائما في حياة كل إنسان أكثر من تاريخ متداخلة بحيث يمكن الأخذ بالجيد منها، وحذف ما يمكن أن يكون سلبيًا ويسيطر علينا. إن وضعية الذكريات تشبه الطين الذي يمكن أن يشكله الإنسان بأكثر من كتلة، وبما لانهاية من الأشكال. هذا ما يراه رومان. ولهذا فليبحث المرء عن التشكيل المضيء لطينته. ثانيا: حياتك لوحة فنية.. لكنها قد تحتاج إلى إطار جديد: إن الإنسان يتطلب الإلهام والاندهاش الذي يُصنع عبر الخيال، ليكون له ممكنًا مغادرة الألم والشعور بالحرمان والأسى، وقد لخص رومان الأمر في عبارة "تاريخنا الشخصي هو خيالنا". فالإنسان لا يتخيل خارج تاريخه. إن ماضي الإنسان مطبوع دائما بالعاطفة الجياشة باتجاه ذكريات وأشخاص ومواقف، وهذه الشحنة من العاطفة هي التي تطبع حاضرنا ومستقبلنا، بالتالي تتحكم في التغيير. وفي كل الظروف فإن الجاذبية المؤكدة للحياة تأتي من المشاعر العميقة جدًا لدى البشر، التي تلعب الدور في تشكيل الإطار. وإذا ما عرف الإنسان كيف يستخرج المشاعر الملهمة والجيدة فسوف تكون حياته تحفة فنية بحق. يقول رومان إن أسلوبه العلاجي هنا يقوم على تدريب الناس على التواصل مع تلك المشاعر العميقة، ومن ثم العمل على إعادة رسمها أو تصويرها، بحيث يكون لنا أن نعيد كتابة قصتنا. أو إعادة تخيل القصة الشخصية لنضع لها إطارها الجديد. فالأمر يعني ببساطة أن الصور المألوفة تظل موجودة، لكن الإطار هو الذي يتغير. إن وضع إطار من روث البهائم على لوحة جميلة قد يجعل رائحة نتنة تفوح من حول اللوحة، لكن هذا لا يعني أن تلك اللوحة قبيحة. الموضوع يتعلق بالإطار وفق رومان. ثالثا: المشاعر الدفينة دائما هي مفتاح التحول: السؤال المطروح هنا ما المعني بالمشاعر العميقة التي نتكلم عنها؟ نحن لدينا مشاعر من الطفولة تلقي بظلالها إلى اليوم، التي قد تكون محجوبة حتى عن وعينا المباشر، وربما تدس وراءها الألم وما هو غير سار حقًا. لكن لدينا أيضا المشاعر المحتملة، مثل قدرة الإنسان الكامنة وغير المستغلة على الحب، مثل البذرة التي تخبئ الشجرة، وهذا يتطلب تحفيز الإلهام وإشعال رغبة القلب لكي نصل إلى المحتمل وغير المرئي من مشاعرنا. رابعا: أوقات الأزمات والخسارة والفقد ربما هي الأفضل للاقتناص من أجل التحول: إن المشاعر التي تغذي رغبة التغيير فينا متغيرة وغير ثابتة، ونحن واقعيًا لا نرى الأشياء بشكل صحيح إلا في حالة الوصول إلى جوهر مشاعرنا الدفينة، بحيث نرى ما هو خطأ وما هو صحيح، وماذا نكره وماذا نحب بلا خداع للذات. وعادة ما يعيق الإنسان نفسه من البحث عن حقيقته من خلال التسويف والكذب على النفس، والغرور الذاتي والتخييل الكذّاب، ما يؤدي به إلى تدمير الذات، بدلًا من البنائية الإيجابية. فالصدق العميق كالأكسجين ضروري لصحة المشاعر والخيال الإنساني. لكن عندما يحصل أن يمر الإنسان بحدث مؤثر وعميق، فإن ذلك يكسر حنق الحياة اللاشعورية الروتينية، التي تكلس وتجمد المفاهيم بداخلنا. ما يجعلنا نبدأ في الانفتاح باتجاه اللحظة الحالية بجدية، والتفكير بشكل أفضل. وهذا يحدث من خلال كارثة أو أزمة أو خسارة. خامسا: الخيال الذي يتم مزجه بالحب يقود إلى التغيير الفاعل والإيجابي: إن الخبر الجيد الذي يسوقه لنا رومان، أنه ليس من الضروري أن نمرّ بكارثة لكي ننهض أو نتغير، فثمة طرق أخرى لهذا التحول المنشود، كالتعطش نحو الحقيقة، الذي يجعل المعاناة تؤتي ثمرتها، لكن المشي في طريق المعاناة لأجل الوصول ليس سهلًا للكل، كما أن التحرر من الهوية المسبقة المصبوبة بدواخلنا أمر صعب التعامل معه. ما يعني أن الأمر برمته يتطلب الشجاعة الفائقة. تحرر تام كالإحساس بالموت واليقظة في حياة جديدة. إن الموت المقصود هنا يتحقق بالخيال الإيجابي، الذي يقتل ما زرعته الذات في تاريخها الشخصي وهويتها القديمة، فإذا كنت تعيش واهمًا فسوف تستيقظ حتمًا من خلال تحرير الخيال. لهذا فمن رأي رومان أن الحب يأتي أولًا والخيال ثانيًا. ففي حين يكون الحب آمنًا فإن الخيال يكون محفوفًا بالمخاطر، قد يكون السكين القاتلة أما الحب فهو الغمد الذي يهدئ ويمنع نزيف الروح. لكن التآلف بينهما، الحب والخيال، يصنع معجزة التحول المنشود. أخيرًا.. الخلاصة: إن العلاج الجيد للنفس يبدأ بالخيال بهزّ الوضع الراهن الذي أنت فيه، وخلق ثقوب في الظلام من حولك لتمرير النور، بتحرير القلب عن طريق العطاء والحب لا الغرور ولا الأنا البخيلة والكسولة، كل ذلك سيرشد الذات الإنسانية نحو شعور أساسي وجديد لحياة مختلفة. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: البرمجة اللغوية العصبية |
||||||||||||||
|
|
|