مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-07-2019, 06:02 PM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
الخطبة الأولى: الحمد لله الذي هدانا لطاعته وهُداه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وعد من أطاعه بالسعادة في الدنيا والفوز يوم لقاه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير الداعين إلى رضاه صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وصحابته ومن والاه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً)[النساء:1]، أما بعد: أيها المسلمون: بها تأنس الأرواح وتزول الهموم وتنزاح، ومعها تطمئن القلوب وترتاح، وفيها تُضَمَّدُ الجراح؛ أعرفتموها -يا أمة الإصلاح-؛ إنها عبودية الخلوة بالكريم الفتاح والانقطاع إلى فالق الإصباح. ومعنى الخلوة وحقيقتها؛ تعني الابتعاد في لحظة صفاء عن أعين الخلق والاتصال بالخالق -جل في عليائه-، ويصحبها هذه الخلوة الافتقار للعزيز الغفار، وطلب الحاجات وبث الهموم والأكدار. وحتى ينتفع العبد بهذه العبادة العظيمة؛ فلا بد عليه أن يراعي آدابها التي بينها أهل العلم؛ فمن ذلك: إغلاق جميع وسائل الاتصال حتى لا تفسد على صاحبها خلوته بربه وتشغله عن الاتصال بخالقه؛ فلا يتحقق له نفع ولا تقضى له حاجة. ومن آدابها: استحضار مراقبة الله؛ فإن العبد إذا راقب مولاه استقام على شرعه وهداه، وعلم أنه يراقبه ويراه، قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[7]، وقوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)[الرعد: 9- 10]. ولا شك أن مراقبة الله في السر أسمى مقامات العبادة وأحسنها؛ كما في حديث جبريل حينما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإحسان؛ فقال له: “أن تعبد الله كأنك تراه“(رواه مسلم). وما أصدق ما قاله أبو العتاهية: إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ *** خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة *** وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب ومن آداب الخلوة بالله: خشية الله والإنابة إليه -سبحانه وتعالى-؛ فهو القائل: (مِنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ)[ق:33]. ومن آداب الخلوة: ستر العورة حياء من الله -تعالى-، سأل معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: “احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ“، فقال يا رسول الله الرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا، قَالَ: “فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ“(رواه الترمذي). كما أن من آداب الخلوة بالله: أن يكثر العبد فيها من الصلاة؛ حيث أنها شعار الصالحين في خلواتهم؛ يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ“(رواه مسلم). ومن آدابها: مناجاة الله والتلذذ بذلك، يقول مسلم بن يسار: “مَا تَلَذَّذَ الْمُتَلَذِّذُونَ بِمِثْلِ الْخَلْوَةِ بِمُنَاجَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ“، ويقول محمد بن يوسف: “مَنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ النِّعَمِ فَلْيُكْثِرْ مِنْ مُنَاجَاةِ الْخَلْوَة“. وختام هذه الآداب: ألا تكون الخلوة مع الله مشغلة لصاحبها عن التكسب وأداء الواجبات والتكاليف الأخرى؛ فتنقلب تلك الآمال إلى آلام، إذ أن المقصود بالخلوة بالله تزكية للنفس ومحاسبتها وتطهيرها، والقرب من بارئها وخالقها -وحاشا وكلا- أن يحصل ذلك بإضاعة الواجبات وإهمال المسؤوليات. أيها المؤمنون: يا سعادة من خلا بربه وناجاه، وتبتل إليه ودعاه، وحسبه أنه نال بخلوته بالله الفضائل الكريمة والمكاسب الجسيمة؛ فمن ذلك: أن الخلوة بالله تعين العبد على تحقيق الإخلاص في العبادات والقربات، يقول ذو النون: “لَمْ أَرْ شَيْئًا أَبْعَثَ لِلْإِخْلَاصِ مِنَ الْوَحْدَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا خَلَا لَمْ يَرَ غَيْرَ اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ يَرَ غَيْرَ اللَّهِ لَمْ تُحَرِّكْهُ إِلَّا خَشْيَةُ اللَّهِ، وَمَنْ أَحَبَّ الْخَلْوَةَ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِعَمُودِ الْإِخْلَاصِ وَاسْتَمْسَكَ بِرُكْنٍ كَبِيرٍ مِنْ أَرْكَانِ الصِّدْقِ“. ومن فضائل الخلوة بالله وثمارها: نيل صاحبها لمحبة الله، قال رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ الْخَفِيَّ“(رواه مسلم)، والمراد بالعبد الخفي الذي يكثر من عبادة الله في خلوته بربه. ومنها: حصول صاحب الخلوة بربه على المغفرة والأجر الكبير، قال -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[الملك:12]. ومن فضائل وثمار الخلوة -عباد الله-: أن الله يظل صاحبها تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ كما جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله“، ومنهم: “رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه“(رواه البخاري ومسلم). بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
||||||||||||||
|
|
|