|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-23-2019, 06:47 PM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
حين تجتاح لحظات الغضب بعض الناس اتجاه شخص ما تتكشف أمام أعينهم عيوب خطرة ومواقف سيئة اتخذها بحقهم في أوقات لم تعرف الخلافات إليهم سبيلا، فالغضب يجعل المرء أعمى عن محاسن الآخرين، ولو تأمل المرء هذا الأمر بحياد كامل لأذهله تأثير الغضب في نظرته إلى الأمور والحياة، وكيف يجعل منه شخصاً متطرفا لا يمكنه التفكير إلا من زاوية واحدة؛ هي زاوية الغضب. وفي حياتنا اليومية مواقف وأحداث صغيرة وكبيرة يمكن أن تمر بسلام لو لم نفسرها على أنها إساءات مقصودة، فنحولها إلى كارثة كبيرة، وسبباً لتبادل الكراهية مع آخرين يمكن أن يكونوا أصدقاء، وهو أمر يحدث في مختلف مواقف الحياة، لكنه في العمل أكثر وضوحا لما يحظى به العمل من روح تنافسية وواجبات والتزامات، يمكن أن تسبب ضغوطا تؤدي إلى التوتر والغضب. وتجارب الغضب في العمل قد تؤدي إلى خسارات فادحة وتصل إلى خسارة العمل نفسه، وهو ما يدركه لحسن الحظ كثير من الناس، فعدم السيطرة على الانفعالات تؤدي إلى نتائج سلبية على صاحبها والعكس أحيانا يكون صحيحاً، فالهدوء والاتزان سببان رئيسيان في نجاح العمل، وهذا ما حصل مع منى محمد التي تقول: في بداية دخولي الى الحياة العملية، كنت سريعة الغضب وأرد على الآخرين بطريقة حادة مع أني أحب كل الناس، ولا أكن لهم أي كراهية وحقد، لكن طريقتي في التعامل مع غضبي أفقدتني عملي الأول قبل مرور عام، وقد كانت صدمة قاسية لي لأن التقييم لم يكن على أساس كفاءتي، وإنما على أساس تعاملي مع محيط العمل. وقد كانت تلك التجربة هي أول دروس الحياة، التي أمر بها في مجال العمل، لذا حين جلست في البيت شهورا عدة كنت أراجع تصرفاتي في ذلك الوقت، فوجدتها طائشة ومشتتة وعصبية، وبالفعل لا تجعلني مناسبة للعمل حتى لو كنت أمتلك كفاءة عالية، فقررت أن أتعلم التحكم بغضبي قبل البحث عن عمل ثانية، وقد ساعدني هذا على الاحتفاظ بعملي خلال السنوات السبع الماضية. أما سمير السعدون فيرى أن العمل مكان يثير التوتر، يقول: في العمل يوجد أشخاص مستفزون، لا هم لهم إلا إثارة المشاكل، وحتى لو تعاملت معهم بلطف أو تجاهلتهم؛ فلابد أن يأتي يوم تصطدم بهم وهو أمر لا مفر منه، لذا كنت دائما أحاول السيطرة على أعصابي، ولا أعطيهم فرصة لاستفزازي لكني للأسف كنت أعاني من هذا الأمر حين أخرج من العمل متوترا ومنفعلا. وتعبر غادة محمد عن صعوبة العمل في أجواء متوترة قائلة: نحن نقضي أوقاتا في العمل أكثر من التي نقضيها في بيوتنا، لذا فإن التوتر يمكن أن يحول حياتنا إلى كآبة دائمة، وأنا أحرص على كسب صداقة جميع من حولي لكي تكون عملية سير العمل سهلة وسلسة، ومع ذلك لا توجد بيئة مثالية، ولكني أحرص على ألا يكون غضبي طاغيا على كل يومي، وهي طريقة وجدتها ناجحة سواء في عملي أو حياتي العامة. ويطرح جاسم خليفة فكرته عن الغضب فيقول عنها: عند مواجهة الغضب نكون أمام خيارين في التعبير عنه، إما أن نسلك الطريق الفطري ونستجيب لمشاعرنا ونظهرها بشكل واضح، وقد يجعلنا ذلك نخسر علاقاتنا أو وظائفنا، ويمكن كذلك أن نؤذي غيرنا حين نطلق الحرية لجنون الغضب، كي يقول رأيه فيهم، والخيار الآخر هو أن نقمع أنفسنا ونلتزم الصمت منسحبين من ساحة البطولة لننقلها إلى داخلنا فتسيطر على مشاعرنا لتسبب الألم والتعب النفسيين وارتفاع ضغط الدم، وما بين هذين الخيارين، لابد أن نتعلم فن إدارة الغضب لنساعد أنفسنا على التخلص من المشاعر السلبية، ونستطيع المحافظة على علاقاتنا بالحياة والناس الذين نحب. والغضب له تأثيرات نفسية سيئة على الإنسان تحدث عنها الدكتور علي الحرجان اختصاصي الطب النفسي قائلا: الغضب شعور وسلوك يضر بالإنسان الغاضب وضرره لا يقتصر على الناحية النفسية وإنما يتجاوزها، ليكون مسببا في الأمراض الجسدية. لذا نجد أن الشرائع السماوية والقوانين الأخلاقية والاجتماعية والنفسية كلها حذرت من الغضب ونبهت إلى مخاطره على الفرد والمجتمع، فنوبات الغضب يمكن أن تؤدي إلى التهور والعنف وحتى الجريمة، ومن الناحية النفسية الغاضب هو من يخسر أولا إذ يعرض نفسه لمختلف الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والكولسترول والسكري وغيرها من الأمراض الذي يسببها التوتر العالي. وفي حالات الغضب تضطرب كيمياء الجسد وتكون ردود أفعاله عنيفة إذ تتغير مسارات الدم في الجسم وتفرز مواد كيميائية تسبب اضطرابات الهضم وصعوبة التنفس وغيرها من الحالات التي ترهق الجسد وتتسبب بمرضه، وفي مجال العمل يكون الموظف الغاضب سلبيا وأعصابه مجهدة وأداؤه أقل وتفاعله مع زملائه غير إيجابي. بينما يجب أن يدرك الموظف العادي أو المدير أن هناك قوانين تسير العمل ليس الغضب من بينها، فمخالفات الموظف التي تستدعي العقوبة يجب أن تطبق فيها العقوبات من دون غضب أو توتر، ويمكن أن يلجأ كل عامل إلى القانون الخاص بمؤسسته لينصفه من دون الدخول في صدامات مباشرة مع المسؤولين أو الزملاء، ومجتمعاتنا تحتاج إلى ثقافة التعامل بين البشر وفهم القانون الذي يمنع التعامل بين الآخرين بفظاظة وصدامية. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: البرمجة اللغوية العصبية |
||||||||||||||
|
|
|