لو تأكل الحرجة متان العلابي كم صيدة عنها يشومون الأشراف

لو تأكل الحرجة متان العلابي كم صيدة عنها يشومون الأشراف

هناك تنوع كبير في الأساليب لدى الشعراء، في تقديم أبياتهم الشعرية بين استقلالية كل بيت عن غيره وتشويق المتلقي لترقب النتيجة آخر القصيدة من خلال ترابط المعنى وعدم انفصال بيت عن آخر.

وسواء كان هذا الأسلوب أو ذاك مقصوداً و هادفاً أو أن الفكرة هي التي تجبر الشاعر على الأخذ بأسلوب معين وتقييد مساره وتحديده.

فمن الملاحظ أن شاعراً يجد في استقلالية كل بيت أسلوبه المفضل وتجزئة القصيدة أمر مناسب، بينما يرى آخر أن الربط بين كل بيت وآخر أو أبيات عدة هو الأسلوب الذي يراه أفضل باعتباره محققاً هدف المتابعة، وهناك أسلوب يمكن أن نطلق عليه الربط العام مع غموض النتيجة، وترقب المتلقي للمفاجأة مما يحقق التشويق، وهذا أسلوب له أهميته وقليل من الشعراء يتمكن من تحقيقه.

وأما الفكرة فإنها الطائر الذي يحلق في سماء الشاعر وخياله محفزاً إحساسه وشعوره ومن ثم التعبير بحسب إلحاح تلك الفكرة والاستجابة بأسلوب يتناسب ونوعها، وقد يسميها الشاعر هاجساً أو يطلق عليها المعاناة.

وللفكرة تأثيرها القوي في السماح للشاعر بالطول والقصر والاختصار والإطالة مع أنه بموهبته لديه القدرة على أن يطوعها كيفما شاء، وقد تقيد حريته أحياناً وتفرض الأسلوب الذي يتماشى وتفاصيل عرضها، فليس من الممكن عرض كل فكرة بالأسلوب نفسه والأخيلة والتراكيب ولا بالمفردات أو العبارات التي ناسبت قصيدة وموقفاً آخر، وكما يقال «لكل مقام مقال» و»لكل حالة لبوسها» فإنه لكل فكرة طريقة وصيغة وقصيدة وأبيات وطرق ووزن أيضاً، فلا يمدح بطرق وأسلوب الهجاء، ولا يفرح بطرق الحزن ولا يكون قصيد السمر كلحن وأهازيج العمل. ولو لاحظنا مجال التشويق وهو ميدان فسيح، وكذلك إمكانية المحافظة على بقاء انتباه المتلقي في ثنايا أساليب الشعراء وقت تقديم قصائدهم التي يعبرون من خلال أبياتها عن فكرتهم؛ لوجدنا أن لدى بعضهم قدرة على أن يجذب انتباه المتلقي ليبقى معه في حماسة للنتيجة من أول حروف القصيدة حتى آخرها. وهذا يعد فناً من الفنون وباباً من الإبداع ومهارة ليست هينة، فالكثير من القصائد تفتقد مثل هذا الأسلوب وتبقي المتلقي في معزل عن المتابعة لعدم وجود التشويق فيها بدرجة كافية.

ولكي ندلل على أهمية التشويق من خلال ترقب النتيجة والمفاجأة نستعرض قصيدة للشاعر عاصم بن عبدالرحمن المقحم، يقول فيها:

دخلت أناظر في مباشر حسابي

وإلى كنه زايد عشرة آلاف

خابره حول الألف رقم ضبابي

كنه يذكرني برقم الاسعاف

قلبتها على خطاي وصوابي

وأومى بي الهاجس على كل مهراف

هذا اللي أنا مسلفه في الغرابي؟

لا، لا، وين اللي يردون الأسلاف

أو إنه أحد غلط وإلا هقى بي؟

ولو غلط ما هوب مطلق حقه جزاف

الناس دون حقوقها بالجنابي

عند العثيم هواش فارباع وأنصاف

وأذكر محلات في حي الروابي

قالوا دخلت السحب معنا على أضعاف

لكن جوايزهم نظام ضبابي

بيض الصعو يذكر ولا هوب ينشاف

ورحت لمدير البنك رجل شبابي

وشخصية ومزيون وثيابه نضاف

مدري وش اسمه بس شكله حبابي

ويصلح يصير اسمه سعد وإلا نواف

قال أنت تشكي زود عجب عجابي

قلت: إيه قال: الزود ما هوب ينعاف

قلت: أنا أبي فوق المخابي مخابي

لكن حاول تفهم إحساسي الجاف

مهوب أبي يعني، ولا هوب ما بي

وما خفت من حاجة ولكني أخاف

من عادة يطول معها عذابي

والآدمي طماع والأنفس ضعاف

ولو تأكل الحرجة متان العلابي

كم صيدة عنها يشومون الأشراف

ولو ما اكتشف سري النظام الرقابي

لابد من يوم للأسرار كشاف

أبيني أحيا طاهرات ثيابي

وأموت والبيضا على كل مشراف

حتى تجي يوم القيامة ركابي

حراير تسبق عسيفات وخفاف

قال: أنت مكتتب؟ وذكرت اكتتابي

في دار الأركان وتفشلت بالزاف

وتبسم وقمت وعطيته سنابي

وطلعت منه عنده معي عشرة آلاف.

ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: ثقاقة عامة وشعر