مواضيع إسلامية عامة أدعية وأحاديث ومعلومات دينية مفيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-24-2014, 02:28 AM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
بسم الله الرحمن الرحيم ونستأنف مع إبداعات الشيخ الأستاذ العارف بالله سيدي رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي في مجموعة "ويسألونني" حيث يقول سيادته: بسم الله الرحمن الرحيم سئلت عما سطره بعضهم فى إحدى الصحف فى موضوع الكرامة، وحيث قد كثر الكلام فى كرامات الأولياء، وما يتعلق بها خاصة ونحن فى زمان قد ظهرت فيه بعض الخوارق وإندرجت تحت العلوم المصدق بها، ولذا فإننا نورد فى هذه المقالة بعض الأصول الخاصة بهذا الأمر ثم نتكلم فيه من جانب جديد على أكثر المتكلمين فيه لكى نقفل هذا الباب من الناحية العلمية لكى يتفرغ المنكرون لهذه الأمور لإصلاح أنفسهم والسير فى الطريق إلى معرفة الله التى هى مناط التكليف والخلق قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" قال ابن عباس رضى الله عنهما: (إلا ليعرفون) ، فمعرفة الله هى الغاية من الطريق، وهى الكرامة الكبرى التى يلتمسها السائرون فى طريق الله. فأولاً: ما ورد فى المقالة المذكورة من نفى إطلاع الأولياء على بعض المغيبات فهو أمر لا يُسلم لقائله، وقد تكلم عنه شيخنا العلامة ابن عطاء الله السكندرى تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى، وننقل هنا كلامه بإختصار وتصرف يسير حيث يقول : واعلم أن إطلاع أولياء الله على بعض الغيوب لا يحيله العقل وقد ورد به النقل. قال أبو بكر الصديق لعائشة رضى الله عنهما فى مرض موته وزوجته حامل: "إنما هما أخواك وأختاك، وبطن بنت خارجة أراها جارية" فأخبر بأن فى بطن امرأته جارية (أى أنثى) وكان كما قال رضى الله عنه. وقول عمر رضى الله عنه "يا سارية الجبل" وسارية بأقصى العراق، فسمع سارية صوته وكان قد أطلعه الله على سارية وقد أحاط به العدو، فأمره بالإنحياز إلى الجبل، فإنحاز هو والجيش الذى كان معه فانتصروا وظفروا، وكان قد قال ذلك وهو فى أثناء خطبته على المنبر، فترك الخطبة وقال: يا سارية الجبل وعاد إلى خطبته . وقول عثمان رضى الله عنه لداخل دخل عليه وكان قد نظر إلى محاسن إمرأة فى الطريق: يدخل احدكم وآثار الزنا بادية فى وجهه. وأما على بن أبى طالب فقد جاء عنه فى هذا الباب العجب العجاب حتى أنه أرجف بالكوفة أن معاوية قد مات، فقال على رضى الله عنه إذ بلغه ذلك: والله ما مات ولن يموت حتى يملك ما تحت قدمى هاتين، وإنما أراد ابن هند أن يشيع ذلك حتى يستثير علمى فيه، فمن يومئذ كاتب أهل الكوفة معاوية وعلموا أن الأمر صائر إليه. وحكايات الأولياء فى كل عصر ومصر تتضمن ثبوت ذلك بما بلغ حد التواتر فلا يمكن جحده. قال ابن عطاء الله: ثم أنا أدلك – رحمك الله – على أمر يسهل عليك التصديق بذلك، وهو أن إطلاع العبد المخصـوص على غيب من غيوب الله ليس بجثمانيته ولا وجود صورته، وإنما هو بنور الحق فيه، دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) فكيف يستغرب أن يطلع المؤمن على غيب من غيوب الله بعد أن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إنما ينظر بنور ربه لا بوجود نفسه. وكذلك قوله فى الحديث القدسى الصحيح: "فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به" - الحديث إلى آخره. ومن كان الحق بصره فليس الإطلاع على الغيب بمستغرب فيه، وفى بعض طرق هذا الحديث: "فإذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً وقلباً وعقلاً ويداً ومؤيدا" . فإن قلت: كيف تصنع بهذه الآية، وهو قوله سبحانه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) - (وهو ما استدل به كاتب المقالة) – قـال ابن عطاء الله: فلم يستثن إلا الرسول؟ قال: فاعلم أنى سمعت شيخنا أبا العباس (المرسى) رضى الله عنه يقول: وفى معناه: أو صديق أو ولى. فإن قلت: هذه زيادة على ما تضمنه الكتاب العزيز. فإعلم أنه إذا قيل إن السلطان لم يأذن اليوم إلا للوزير وحده ربما دخل مماليك الوزير معه، وكان الإذن لمتبوعهم إذناً لهم، كذلك الولى إذا أطلعه الله على غيب من غيوبه فإنما ذلك لانطوائه فى جاه النبوة وقيامه بصدق المتابعة، فما رأى ذلك بنفسه وإنما رآه بنور متبوعه. وأيضاً إن الآية تشير إلى نفى إطلاع العباد على غيب الله إلا من أطلعه الله. وبين سبحانه سبب إطلاعه من أطلعه على غيب من غيوبه وأن ذلك إنما كان لأنه مرتضى عنده بقوله (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى) . وقوله (من رسول) خص الرسول بالذكر ولم يذكر النبى ولا الصديق ولا الولى وإن كان كل منهم ممن ارتضى، لأن الرسول أولى بذلك مما سواه. انتهى الجزء المقصود نقله من كلام ابن عطاء الله السكندرى. ونشير لك إشارة إلى أمر معروف بين الناس سُلِّمَ به وهو الرؤيا المنامية، فإن الإنسان قد يطلعه الله فى المنام على وقائع تحدث بعدها، وهى غيب من الغيوب. وقد أطلعنا القرآن الكريم على رؤية الملك فى أيام سيدنا يوسف، ولم يكن الملك مؤمناً، وأطلعه الله على أمور تحدث فى أربعة عشر سنة مستقبلية. حقيقة أنها كانت بلغة لم يفهمها الرائى ولكن فهمها سيدنا يوسف، وكذا رؤية صاحبى السجن فهذا كشف للمستقبل وعلم بالغيب. والذى يطلع على غيب ما فهل يحيط بجميع الغيبيات أم أنه يطلع على قبس من غيب يخصه أو نحو ذلك، والإحاطة بالغيوب كلها لا يكون إلا لله، فهو كمخيطٍ وضعته فى المحيط ثم أخرجته فماذا أخذ من المحيط؟! ونقول لك إن الغيب أنواع، فمنها ما هو غيب زمانى لسبق زمانه عن الزمن الحالى، وهذا كحكاية سيدنا عثمان بن عفان السابقة، أو غيب زمانى لأن زمانه لم يأت، ومنها ما صح عن سيدنا أبى بكر الصديق وذكرناه سابقاً وما نقلناه عن سيدنا الإمام على، وقد يكون غيباً مكانياً لاختلاف المكان، وهو ما نقلناه وصح فى قصة سيدنا عمر بن الخطاب السابقة، ثم قد يكون غيباً ذاتياً كإطلاع الولى على بعض الأسماء الإلهية التى لم تكشف لغيره، ويدل عليها ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك" فقوله: "أو علمته أحداً من خلقك" دليل على ما ذكرنا. ثم هناك الغيب المحض، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق: "أو استأثرت به فى علم الغيب عندك" فهذا وما نحوه من الأسماء والصفات الإلهية التى استأثر الله بها فهى غيب محض لا ســبيل لمعرفته إذ لا يعرف الله إلا الله، وما تعرفنا إليه سبحانه إلا بقدر ما تعرف إلينا بما نتحمل من تجلياته علينا. فإذا كان الله يطلــع الولى على أمور من غيب ذاته، فأمور غيب الزمان والمكان لا تقاس بذلك. ثم هناك نوع آخر من الغيب وهو غيب الغيب، فإن الله قال عن العبد الصالح آصف بن برخيا الذى أتى بعرش بلقيس لسيدنا سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُك). فأشار إلى أنه عنده علم من الكتاب، وقد يكون المراد بالكتاب هنا اللوح المحفوظ، فقد ورد فى بعض التفاسير إشارة إلى أنه كتاب المقادير. فإن كان الغيب هو ما خُطَّ فى اللوح المحفوظ، فهناك غيب لم يدون فيه بدليل قوله تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) فما أُثبت فى أم الكتاب بعد المحو كان غيباً قبل ذلك لم يطلع عليه أحد إلا الله، وهذا هو غيب الغيب، ولذلك إذا كشف الله لعبد من عباده عن غيب من المغيبات المخطوطة فى أم الكتاب فإن هذا العبد لا يركن إلى ذلك، ولا يأمن مكر الله لوجود المحو والإثبات ولذا يقول الصديق الأكبر أبو بكر (لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمى فى الجنة). ثانياً: يقول كاتب المقالة المذكورة أن كل أئمة السنة يقرون الكرامات ويثبتونها ثم نراه يثبت ذلك نظرياً وينكره فعلياً، وقد أشار إلى ذلك سيدى ابن عطاء الله من كلامه على أحوال الناس فى مسألة الكرامات فيقول: وفرقة أخرى يصدقون بأن فى مملكة الله أولياء لهم كرامات من غير أن يسلموا ذلك لأحد من أهل زمانهم معيناً، فكل من ذكر لهم أنه ولى أو نسبت إليه كرامة دافعوا إثبات ذلك بمقاييس اقتضتها عقولهم المعقولة بعقال الغفلة المخدوعة بمتابعة الهوى، فلن يجرى عليهم هذا التصديق وجود الاقتداء ولا اشراق نور الاهتداء، إذ الاقتداء لا يكون بولى مجهول العين فى كون الله، بل الإقتداء إنما يكون بولى دلك الله عليه وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه، فطوى عنك شهود بشريته فى وجود خصوصيته، فألقيت إليه القياد فسلك بك سبيل الرشاد، يعرفك برعونات نفسك وكمائنها ودفائنها، ويدلك على الجمع على الله، ويعلمك الفرار عما سوى الله، ويسايرك فى طريقك حتى تصل إلى الله، ويوقفك على إساءة نفسك، ويعرفك بإحسان الله إليك، فيفيدك معرفة إساءة نفسك الهرب منها وعدم الركون إليها، ويفيدك العلم بإحسان الله إليك الإقبال عليه، والقيام بالشكر إليه، والدوام على مر الساعات بين يديه. ثالثا: الكلام على خوارق العادات يقتدى تقسيمها إلى ما قسمه العلماء إلى ستة أقسام: • فإن كان خرق العادة من نبى فهو معجزة. • وإن كان من نبى قبل وصف النبوة فهو الإرهاص. • وإن كان من ولى فإنه الكرامة. • وإن كان من بعض العوام فهو المعونة وهو فيض كرم من الله لهذا العامى بشفاءه من داء عضال لا شفاء منه ونحو ذلك. • وإن كان من فاسق ووافق مراده فهو الاستدراج. • أما إن خالف مراده (الفاسق) وجاء خرق العادة عكس ما أراد فهو الإهانة. • وزاد بعضهم السحر، وقيل إنه ليس من الخوارق لأنه معتاد عند تعاطى أسبابه. رابعاً: ما هى الكرامة؟ قال العلماء: هى أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا هو مقدمة لها يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبى كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح علم بها أو لم يعلم. خامساً: جاء بالمقالة المذكورة كلاماً عن الولى فيه تعميم وإسقاط للتخصيص، فمن هو الولى؟ يقول العلماء: الولى هو العارف بالله تعالى وبصفاته حسب الإمكان المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصى المعرض عن الإنهماك فى اللذات والشهوات المباحة، فهو من تولى الله سبحانه وتعالى أمره فلم يكله إلى نفسه ولا إلى غيره لحظة، أو الذى يتولى عبادة الله تعالى وطاعته، فعباداته تجرى على التوالى من غير أن يتخللها عصيان. وكلا المعنيين واجب تحققه حتى يكون الولى ولياً فى نفس الأمر. أما ما جاء فى المقالة فهو كلام على الولاية العامة، ونحن هنا بصدد الكلام عن الولاية الخاصة التى تعلوها مرتبة الصديقية، وعليه فالمتصف بهذه الصفات قد يكون أعلى مقاماً من الشهيد الذى مات فى ميدان القتال مرة واحدة، وأما من نحن بصدده فقد قتل نفسه عن الشهوات والمعاصى واللذات مرات ومرات. وقد يكون الشهيد ولياً أو صديقاً ومن ذلك الأئمة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب فإنهم جمعوا بين الولاية والصديقية والشهادة رضى الله عنهم أجمعين. ثم إن الشهداء مراتب ومنازل، فهل يستوى الشهيد الذى لم يكن له عبادات متميزة وربما كان تاركاً للفرائض ثم نال مرتبة الشهادة بطعنة لم تستغرق آلامها سوى دقائق بمن هو أمضى حياته فى محاربة الشهوات والنفس وأبلى فى الدين وفى الدنيا بلاءً حسناً مثل ساداتنا الصديقين عمر وعثمان وعلى. - (يتبع في مشاركة جديدة أسفله) ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: مواضيع إسلامية عامة |
||||||||||||||
|
|
|