موضوعات عامة ويحتوي على مواضيع عامة متنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-16-2013, 01:42 PM | #1 | |||||||||||||
شكراً: 3,462
تم شكره 3,976 مرة في 2,568 مشاركة
|
.. لا شكّ وأنها فكرة مدهشة، أن تتحول حياتنا - بفضل التكنولوجيا - إلى حفنة أزرار، ومن الطبيعيّ، مع وجود كل هذه الأزرار! أن نتباهى بأننا جعلنا حياتنا أسهل، بأننا اختصرنا الوقت، وقرّبنا المكان، وكل هذه الثرثرة! ولكن عندما يتكدس البشر في طوابير أمام مصعد كهربائيّ، والباب الذي يأخذك إلى الدرج على بعد خطوتين منهم،ألا يبدو الأمر مخيفاً؟ أقصد أن ضروب السعي كلها باتت عابثة وتافهة بالنسبة لنا، حتى الخطوات القليلة التي سنخطوها على الدرج، كلها تافهة، مضيّعة للوقت، لأن بوسعنا أن نتكدس داخل المصعد ونتنفس أنفاس بعضنا– ولكن لبعض ثوانٍ – لنصل إلى حيث نريد! لقد حولتنا التكنولوجيا إلى كائنات يائسة،عوضاً عن كوننا كسالى، لأننا نعرف بأننا نستطيع أن نقطع كل هذه الدرجات، ولكننا مع ذلك لا نملك الرغبة، ولا الهمّة، لماذا؟ لأن الخيار الآخر هو أن نضغط زراً واحدةً و ينتهي الأمر.. وما عدنا راغبين بانتظار ما نريده، أو بالسعي وراء ما نريد، فالتكنولوجيا حولت الغايات إلى وقت ضائع، وفقدنا بها الرغبة بفعل أي شيء، أيّ شيء! حتى صعود حفنة من الدرجات على أقدامنا.. على الأقل لأجل أن لا نقتل أجسادنا بكل هذا الترهل. ويقولون، بأن أولى محاسن التكنولوجيا هي أنها اختصرت الزمن وقرّبت الأمكنة، ولكن هل خطر لنا – في خضم كل هذا الافتتان – بأن هذا هو أهم مساوئها؟ لنكن صريحين، التكنولوجيا لم تختصر الوقت ولم تقرّب الأمكنة، بل أنها قتلت الوقت، وقوضت المكان، وأصبحنا بفضلها كائنات مقذوفة في السديم الإلكترونيّ، نضغط على الأزرار الكثيرة في حيواتنا وننتظر أن تحدث الأشياء التي نريد، ونصبحُ – في كل يوم – أقل قدرة على الانتظار، وعلى تقدير قيمة الانتظار، ومن ثمّ قيمة الأشياء التي ننتظرها، حتى لو كان هذا الانتظار تافهاً ، مثل الوقوف أمام طابور مخبز، أو عظيماً، مثل انتظار حبيب، أو نجاح، أو حلم.. وكلما ( اضطرتنا ) الحياة أن تتنظر، نجد أن ركبنا تهتز، وأن أصابعنا تنقر الطاولات، والحوائط .. ( ربما تبحث عن أزرار! )، نجد أن التكنولوجيا فرغت قائمة أحلامنا من المعنى، وفرغتنا من الرغبة، وفرغت حياتنا من أيّ جدارة أو أهمّية، ما قيمة نصف ساعة نقضيها في إعداد مرق الدجاج عندما يمكنك تحضيره من مكعب ماجي! هذا الهوس العام لتقليل الوقت الذي ننفقه على أيّ شيء، أي عمل، وكأن الأيادي التي تعمل ملوثة، وكأن العمل محض نجاسة! والأدهى، رغم كل شيء، أننا كثيراً ما نسمع أنفسنا نردّد بأن لا وقت لأيّ شيء، رغم الجنوح العام للتكنولوجيا لأجل توفير ساعات إضافية في حيواتنا، لا وقت لعمل أي شيء، لا معنى لعمل أي شيء، كل ما تعلمناه حقيقة هو أن ننقر على الطاولات، وأن نترهل في أماكننا ونصبح أكثر ضخامة وثقلاً ويأساً وعجزاً . .. . ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: موضوعات عامة |
|||||||||||||
|
|
|