ثقاقة عامة وشعر معلومات ثقافية وشعر |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
06-22-2018, 03:03 AM | #1 | ||||||||||||||
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
فَصْلٌ: فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ: أَوَّلُهَا: الْعَلَاقَةُ، وَسُمِّيَتْ عَلَاقَةً لِتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِالْمَحْبُوبِ. قَالَ الشَّاعِرُ: أَعَلَاقَةً أُمَّ الْوَلِيدِ بُعَيْدَ مَا ** أَفْنَانُ رَأْسِكِ كَالثَّغَامِ الْمُخْلِسِ الثَّانِيَةُ: الْإِرَادَةُ، وَهِيَ مَيْلُ الْقَلْبِ إِلَى مَحْبُوبِهِ وَطَلَبُهُ لَهُ. الثَّالِثَةُ: الصَّبَابَةُ، وَهِيَ انْصِبَابُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ. بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ صَاحِبُهُ. كَانْصِبَابِ الْمَاءِ فِي الْحُدُورِ. فَاسْمُ الصِّفَةِ مِنْهَا صَبٌّ وَالْفِعْلُ صَبَا إِلَيْهِ يَصْبُو صَبًا، وَصَبَابَةً، فَعَاقَبُوا بَيْنَ الْمُضَاعَفِ وَالْمُعْتَلِّ، وَجَعَلُوا الْفِعْلَ مِنَ الْمُعْتَلِّ وَالصِّفَةَ مِنَ الْمُضَاعَفِ. وَيُقَالُ: صَبَا وَصَبْوَةً، وَصَبَابَةً. فَالصَّبَا: أَصْلُ الْمَيْلِ. وَالصَّبْوَةُ: فَوْقَهُ، وَالصَّبَابَةُ: الْمَيْلُ اللَّازِمُ. وَانْصِبَابُ الْقَلْبِ بِكُلِّيَّتِهِ. الرَّابِعَةُ: الْغَرَامُ وَهُوَ الْحُبُّ اللَّازِمُ لِلْقَلْبِ، الَّذِي لَا يُفَارِقُهُ. بَلْ يُلَازِمُهُ كَمُلَازَمَةِ الْغَرِيمِ لِغَرِيمِهِ. وَمِنْهُ سُمِّيَ عَذَابُ النَّارِ غَرَامًا لِلُزُومِهِ لِأَهْلِهِ. وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ لَهُمْ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}. الْخَامِسَةُ: الْوِدَادُ وَهُوَ صَفْوُ الْمَحَبَّةِ، مَرَاتِبُهَا عَشَرَةٌ وَخَالِصُهَا وَلُبُّهَا، وَالْوَدُودُ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ تَعَالَى. وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْمَوْدُودُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي صَحِيحِهِ: الْوَدُودُ الْحَبِيبُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْوَادُّ لِعِبَادِهِ. أَيِ الْمُحِبُّ لَهُمْ. وَقَرَنَهُ بِاسْمِهِ الْغَفُورِ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيُحِبُّ التَّائِبَ مِنْهُ، وَيَوَدُّهُ. فَحَظُّ التَّائِبِ: نَيْلُ الْمَغْفِرَةِ مِنْهُ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْوَدُودُ فِي مَعْنًى يَكُونُ سِرُّ الِاقْتِرَانِ. أَيِ اقْتِرَانُ الْوَدُودِ بِالْغَفُورِ اسْتِدْعَاءَ مَوَدَّةِ الْعِبَادِ لَهُ، وَمَحَبَّتِهِمْ إِيَّاهُ بِاسْمِ الْغَفُورِ. السَّادِسَةُ: الشَّغَفُ يُقَالُ: شُغِفَ بِكَذَا. فَهُوَ مَشْغُوفٌ بِهِ. وَقَدْ شَغَفَهُ الْمَحْبُوبُ. أَيْ وَصَلَ حُبُّهُ إِلَى شَغَافِ قَلْبِهِ. كَمَا قَالَ النِّسْوَةُ عَنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْحُبُّ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْقَلْبِ، بِحَيْثُ يَحْجُبُهُ عَنْ غَيْرِهِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: حَجَبَ حُبُّهُ قَلْبَهَا حَتَّى لَا تَعْقِلَ سِوَاهُ. الثَّانِي: الْحُبُّ الْوَاصِلُ إِلَى دَاخِلِ الْقَلْبِ. قَالَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ: الْمَعْنَى أَحَبَّتْهُ حَتَّى دَخَلَ حُبُّهُ شَغَافَ قَلْبِهَا، أَيْ دَاخِلَهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْحُبُّ الْوَاصِلُ إِلَى غِشَاءِ الْقَلْبِ. وَالشَّغَافُ غِشَاءُ الْقَلْبِ إِذَا وَصَلَ الْحُبُّ إِلَيْهِ بَاشَرَ الْقَلْبَ. قَالَ السُّدِّيُّ: الشَّغَافُ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ عَلَى الْقَلْبِ. يَقُولُ: دَخَلَهُ الْحُبُّ حَتَّى أَصَابَ الْقَلْبَ. وَقَرَأَ بَعْضُ السَّلَفِ شَعَفَهَا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. وَمَعْنَاهُ: ذَهَبَ الْحُبُّ بِهَا كُلَّ مَذْهَبٍ. وَبَلَغَ بِهَا أَعْلَى مَرَاتِبِهِ، وَمِنْهُ: شَعَفُ الْجِبَالِ، لِرُءُوسِهَا. السَّابِعَةُ: الْعِشْقُ وَهُوَ الْحُبُّ الْمُفْرِطُ الَّذِي يُخَافُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ إِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ الْعِشْقُ. وَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- شَابٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَهُوَ يَعْرِفُهُ- قَدْ صَارَ كَالْخَلَالِ. فَقَالَ: مَا بِهِ؟ قَالُوا: الْعِشْقُ. فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَامَّةَ دُعَائِهِ بِعَرَفَةَ: الِاسْتِعَاذَةَ مِنَ الْعِشْقِ. وَفِي اشْتِقَاقِهِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْعَشَقَةِ- مُحَرَّكَةً- وَهِيَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يَلْتَوِي عَلَى الشَّجَرِ، فَشُبِّهَ بِهِ الْعَاشِقُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنَ الْإِفْرَاطِ. وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ: فَلَا يُوصَفُ بِهِ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَا الْعَبْدُ فِي مَحَبَّةِ رَبِّهِ. وَإِنْ أَطْلَقَهُ سَكْرَانُ مِنَ الْمَحَبَّةِ قَدْ أَفْنَاهُ الْحُبُّ عَنْ تَمْيِيزِهِ. كَانَ فِي خِفَارَةِ صِدْقِهِ وَمَحَبَّتِهِ. الثَّامِنَةُ: التَّتَيُّمُ وَهُوَ التَّعَبُّدُ، وَالتَّذَلُّلُ. يُقَالُ: تَيَّمَهُ الْحُبُّ أَيْ ذَلَّلَهُ وَعَبَّدَهُ. وَتَيْمُ اللَّهُ: عَبْدُ اللَّهِ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيُتْمِ- الَّذِي هُوَ الِانْفِرَادُ- تَلَاقٍ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَوْسَطِ، وَتَنَاسُبٌ فِي الْمَعْنَى. فَإِنَّ الْمُتَيَّمَ الْمُنْفَرِدُ بِحُبِّهِ وَشَجْوِهِ. كَانْفِرَادِ الْيَتِيمِ بِنَفْسِهِ عَنْ أَبِيهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكْسُورٌ ذَلِيلٌ. هَذَا كَسَرَهُ يُتْمٌ. وَهَذَا كَسَرَهُ تَتَيُّمٌ. التَّاسِعَةُ: التَّعَبُّدُ وَهُوَ فَوْقَ التَّتَيُّمِ. فَإِنَّ الْعَبْدَ هُوَ الَّذِي قَدْ مَلَكَ الْمَحْبُوبُ رِقَّهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ نَفْسِهِ أَلْبَتَّةَ. بَلْ كُلُّهُ عَبَدٌ لِمَحْبُوبِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ. وَمَنْ كَمَّلَ ذَلِكَ فَقَدْ كَمَّلَ مَرْتَبَتَهَا. وَلَمَّا كَمَّلَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ: وَصَفَهُ اللَّهُ بِهَا فِي أَشْرَفِ مَقَامَاتِهِ. مَقَامِ الْإِسْرَاءِ، كَقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} وَمَقَامِ الدَّعْوَةِ. كَقوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} وَمَقَامِ التَّحَدِّي كَقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} وَبِذَلِكَ اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ عَلَى الْخَلَائِقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُمْ، إِذَا طَلَبُوا مِنْهُ الشَّفَاعَةَ- بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، عَبْدٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَةَ- قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ- يَقُولُ: فَحَصَلَتْ لَهُ تِلْكَ الْمَرْتَبَةُ. بِتَكْمِيلِ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَمَالِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ لَهُ. وَحَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ: الْحُبُّ التَّامُّ، مَعَ الذُّلِّ التَّامِّ وَالْخُضُوعِ لِلْمَحْبُوبِ. تَقُولُ الْعَرَبُ طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ أَيْ قَدْ ذَلَّلَتْهُ الْأَقْدَامُ وَسَهَّلَتْهُ. الْعَاشِرَةُ: مَرْتَبَةُ الْخُلَّةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْخَلِيلَانِ- إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ- كَمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ. وَالْحَدِيثَانِ فِي الصَّحِيحِ. وَهُمَا يُبْطِلَانِ قَوْلَ مَنْ قَالَ: الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ. وَالْمَحَبَّةُ لِمُحَمَّدٍ، فَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُهُ وَمُحَمَّدٌ حَبِيبُهُ. وَالْخُلَّةُ هِيَ الْمَحَبَّةُ الَّتِي تَخَلَّلَتْ رُوحَ الْمُحِبِّ وَقَلْبَهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَوْضِعٌ لِغَيْرِ الْمَحْبُوبِ، كَمَا قِيلَ: قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي ** وَلِذَا سُمِّيَ الْخَلِيلُ خَلِيلَا وَهَذَا هُوَ السِّرُّ الَّذِي لِأَجْلِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أُمِرَ الْخَلِيلُ بِذَبْحِ وَلَدِهِ، وَثَمَرَةِ فُؤَادِهِ وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ. لِأَنَّهُ لَمَّا سَأَلَ الْوَلَدَ فَأُعْطِيَهُ، تَعَلَّقَتْ بِهِ شُعْبَةٌ مِنْ قَلْبِهِ. وَالْخُلَّةُ مَنْصِبٌ لَا يَقْبَلُ الشَّرِكَةَ وَالْقِسْمَةَ. فَغَارَ الْخَلِيلُ عَلَى خَلِيلِهِ: أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَوْضِعٌ لِغَيْرِهِ. فَأَمَرَهُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ. لِيُخْرِجَ الْمُزَاحِمَ مِنْ قَلْبِهِ. فَلَمَّا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَزَمَ عَلَيْهِ عَزْمًا جَازِمًا: حَصَلَ مَقْصُودُ الْأَمْرِ. فَلَمْ يَبْقَ فِي إِزْهَاقِ نَفْسِ الْوَلَدِ مَصْلَحَةٌ. فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَفَدَاهُ بِالذِّبْحِ الْعَظِيمِ. وَقِيلَ لَهُ: {يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} أَيْ عَمِلْتَ عَمَلَ الْمُصَدِّقِ {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} نَجْزِي مَنْ بَادَرَ إِلَى طَاعَتِنَا، فَنُقِرُّ عَيْنَهُ كَمَا أَقْرَرْنَا عَيْنَكَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرَنَا، وَإِبْقَاءِ الْوَلَدِ وَسَلَامَتِهِ {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} وَهُوَ اخْتِبَارُ الْمَحْبُوبِ لِمُحِبِّهِ، وَامْتِحَانُهُ إِيَّاهُ لِيُؤْثِرَ مَرْضَاتَهُ. فَيُتِمَّ عَلَيْهِ نِعَمَهُ، فَهُوَ بَلَاءُ مِحْنَةٍ وَمِنْحَةٍ عَلَيْهِ مَعًا. وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ إِنَّمَا دَعَا إِلَيْهَا بِهَا خَوَاصُّ خَلْقِهِ، وَأَهْلُ الْأَلْبَابِ وَالْبَصَائِرِ مِنْهُمْ. فَمَا كَلُّ أَحَدٍ يُجِيبُ دَاعِيهَا. وَلَا كُلُّ عَيْنٍ قَرِيرَةً بِهَا. وَأَهْلُهَا هُمُ الَّذِينَ حَصَلُوا فِي وَسَطِ قَبْضَةِ الْيَمِينِ يَوْمَ الْقَبْضَتَيْنِ. وَسَائِرُ أَهْلِ الْيَمِينِ فِي أَطْرَافِهَا. فَمَا كَلُّ عَيْنٍ بِالْحَبِيبِ قَرِيرَةً ** وَلَا كُلُّ مَنْ نُودِيَ يُجِيبُ الْمُنَادِيَا وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ هُدَاكَ فَخَلِّهِ ** يُجِبْ كُلَّ مَنْ أَضْحَى إِلَى الْغَيِّ دَاعِيَا وَقُلْ لِلْعُيُونِ الرُّمَّدِ: إِيَّاكِ أَنْ تَرَيْ ** سَنَا الشَّمْسِ فَاسْتَغْشَيْ ظَلَامَ اللَّيَالِيَا وَسَامِحْ نُفُوسًا لَمْ يَهَبْهَا لِحِبِّهِمْ ** وَدَعْهَا وَمَا اخْتَارَتْ وَلَا تَكُ جَافِيَا وَقُلْ لِلَّذِي قَدْ غَابَ يَكْفِي عُقُوبَةُ ** مَغِيبِكَ عَنْ ذَا الشَّأْنِ لَوْ كُنْتَ وَاعِيَا وَوَاللَّهِ لَوْ أَضْحَى نَصِيبُكَ وَافِرًا ** رَحِمْتَ عَدُوًّا حَاسِدًا لَكَ قَالِيَا أَلَمْ تَرَ آثَارَ الْقَطِيعَةِ قَدْ بَدَتْ ** عَلَى حَالِهِ فَارْحَمْهُ إِنْ كُنْتَ رَاثِيَا خَفَافِيشُ أَعْشَاهَا النَّهَارُ بِضَوْئِهِ ** وَلَاءَمَهَا قِطْعٌ مِنَ اللَّيْلِ بَادِيَا فَجَالَتْ وَصَالَتْ فِيهِ حَتَّى إِذَا النَّـ ** هَارُ بَدَا اسْتَخْفَتْ وَأَعْطَتْ تَوَارِيَا فَيَا مِحْنَةَ الْحَسْنَاءِ تُهْدَى إِلَى امْرِئٍ ** ضَرِيرٍ وَعِنِّينٍ مِنَ الْوَجْدِ خَالِيَا إِذَا ظُلْمَةُ اللَّيْلِ انْجَلَتْ بِضِيَائِهَا ** يَعُودُ لِعَيْنَيْهِ ظَلَامًا كَمَا هِيَا فَضِنَّ بِهَا إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ قَدْرَهَا ** إِلَى أَنْ تَرَى كُفْؤًا أَتَاكَ مُوَافِيَا فَمَا مَهْرُهَا شَيْءٌ سِوَى الرُّوحِ أَيُّهَا الْـ ** جَبَانُ تَأَخَّرْ لَسْتَ كُفْؤًا مُسَاوِيَا فَكُنْ أَبَدًا حَيْثُ اسْتَقَلَّتْ رَكَائِبُ الْـ ** مَحَبَّةِ فِي ظَهْرِ الْعَزَائِمِ سَارِيَا وَأَدْلِجْ وَلَا تَخْشَ الظَّلَامَ فَإِنَّهُ ** سَيَكْفِيكَ وَجْهُ الْحُبِّ فِي اللَّيْلِ هَادِيَا وَسُقْهَا بِذِكْرَاهُ مَطَايَاكَ إِنَّهُ ** سَيَكْفِي الْمَطَايَا طِيبُ ذِكْرَاهُ حَادِيَا وَعِدْهَا بِرُوحِ الْوَصْلِ تُعْطِيكَ سَيْرَهَا ** فَمَا شِئْتَ وَاسْتَبْقِ الْعِظَامَ الْبَوَالِيَا وَأَقْدِمْ فَإِمَّا مُنْيَةٌ أَوْ مَنِيَّةٌ ** تُرِيحُكَ مِنْ عَيْشٍ بِهِ لَسْتَ رَاضِيَا فَمَا ثَمَّ إِلَّا الْوَصْلُ أَوْ كَلَفٌ بِهِمْ ** وَحَسْبُكَ فَوْزًا ذَاكَ إِنْ كُنْتَ وَاعِيَا أَمَا سَئِمَتْ مِنْ عَيْشِهَا نَفْسُ وَالِهٍ ** تَبِيتُ بِنَارِ الْبُعْدِ تَلْقَى الْمَكَاوِيَا أَمَا مَوْتُهُ فِيهِمْ حَيَاةٌ؟ وَذُلُّهُ ** هُوَ الْعِزُّ وَالتَّوْفِيقُ مَا زَالَ غَالِيَا أَمَا يَسْتَحِي مَنْ يَدَّعِي الْحُبَّ بَاخِلًا ** بِمَا لِحَبِيبٍ عَنْهُ يَدْعُوهُ ذَا لِيَا أَمَا تِلْكَ دَعْوَى كَاذِبٍ لَيْسَ حَظُّهُ ** مِنَ الْحُبِّ إِلَّا قَوْلَهُ وَالْأَمَانِيَا أَمَّا أَنْفُسُ الْعُشَّاقِ مِلْكٌ لِغَيْرِهِمْ ** بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحُبِّ مَا زَالَ فَاشِيَا أَمَا سَمِعَ الْعُشَّاقُ قَوْلَ حَبِيبَةٍ ** لِصَبٍّ بِهَا وَافَى مِنَ الْحُبِّ شَاكِيَا وَلَمَّا شَكَوْتُ الْحُبَّ قَالَتْ كَذَبْتَنِي ** فَمَا لِي أَرَى الْأَعْضَاءَ مِنْكَ كَوَاسِيَا فَلَا حُبَّ حَتَّى يَلْصَقَ الْقَلْبُ بِالْحَشَا ** وَتَخْرَسَ حَتَّى لَا تُجِيبَ الْمُنَادِيَا وَتَنْحَلُّ حَتَّى لَا يُبْقِي لَكَ الْهَوَى ** سِوَى مُقْلَةٍ تَبْكِي بِهَا وَتُنَاجِيَا. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: ثقاقة عامة وشعر |
||||||||||||||
|
|
|