منتديات حبة البركة

منتديات حبة البركة (https://www.seedoil.net/vb/index.php)
-   موضوعات عامة (https://www.seedoil.net/vb/forumdisplay.php?f=32)
-   -   أضيق الطريق (https://www.seedoil.net/vb/showthread.php?t=6745)

مونمون 10-20-2013 03:10 PM

أضيق الطريق
 
يُحدِّثُ أحَدُ الناسِ عن قصة حصلت له مع أحد أولاده ؛ حيث كان ذلك الولد يطلب من والديه طلباتٍ معقولةً ، ولكن الأم كانت أحياناً ترفض بعض تلك الطلبات ؛ حتى لا يتمادى ذلك الولد في رغباته .



وكان الأب يأمل من الأم أن تَتَسَمَّح قليلاً ، ولا تبالغ في الرفض ، فَيُضْطَرَّ الولدُ إلى أضيق الطريق ، فيحصلَ ما لا تحمد عقباه .


وفي يوم من الأيام أرادت الأم زيارة أهلها ، فلما استقل أفراد الأسرة السيارة سألوا عن ذلك الولد ، وإذا به داخل البيت ، فذهب إليه أحد إخوانه فرفض ، فصعد إليه الأب ، وحاول فيه مرة بعد أخرى ، فرفض ذلك الولد ؛ فذهبوا وتركوه .



ولما قرب منتصف الليل ، وجاءت الأم وباقي أولادها إلى المنزل - كانت الأم مُغْضَبةً متكدرة من صنيع ذلك الولد - ، فحاول الوالد تلطيف الجو ، فذهب إلى ذلك الولد - وكان باراً طيباً - وقال له : اذهب إلى أمك ، فاعتذر منها ؛ فأخذتِ الولدَ العزةُ بالإثم ، فرفض ، فقال له الوالد: أنا أبوك ، وآمرك بِقُرْبَةٍ من أَجَلِّ القربات ، وهي أن تسترضي والدتك وتعصيني ؟!


فأصر الولد ، وركب رأسه ؛ فما كان من الوالد إلا أن أهوى بيده على ولده ، وضربه ضربتين - على غير عادته - فصار الولد يبكي بكاءً مراً ؛ لأنه لم يتعودْ ذلك عن والده ، فباتوا جميعاً تلك الليلة في كدر وغم .



فلما تنفس الصبح ، وسكت الغضب عنهم ، وثابوا إلى رشدهم ، راجعوا أنفسهم ، وندموا جميعاً على ما حصل ؛ فالأم ندمت على صنيعها الأول ، والأب ندم على ضربه لولده ، والولد كان أشدهم ندامة ؛ حيث ندم على معصية والديه أولاً وآخراً .



فهذه الحادثة تعطينا درساً في سعة الأفق ، وتدبر العواقب .


وأذكر أن زوجةً اتصلت مراراً على أناس ؛ لكي يسعوا في إرجاعها إلى زوجها بعد أن طلَّقها ، فلما كُلِّم الزوج في ذلك ، قال : لقد اضطرتني إلى الطلاق ، حيث كانت تردد في كل وقت : [فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ] فلما ضقت بذلك ذرعاً طلقتها


وأذكر أن مسؤولاً في إحدى المدارس كان دائماً يهدد الطلاب بالفصل من الدراسة عند كل صغيرة وكبيرة ، يقول : وفي يوم من الأيام توقفت عن ذلك النوع من التهديد ؛ لأنني هددت طالباً بذلك ، وقلت له : إذا تكرر منك الشغب في الفصل فسأعطيك مَلَفَّك ، وسنطوي قيدك من الدراسة .
فقال الطالب : أعطني ملفي الآن ، يقول الوكيل : فوقعت في حرج ؛ لأنني لم أُرِدْ ذلك ، ولأن الخطأ الذي وقع فيه الطالب يسير لا يستحق تلك العقوبة ، فما أنقذني من ذلك الموقف إلا أن قلت له : أحضر ولي أمرك ؛ لنسلِّمه مَلَفَّك ، ونشعرَه بطيِّ قيدك؛ وبذلك سَلِمْتُ من ذلك الموقف المحرج ، وقررت عدم تكراره .



وبناءً على ما مضى فإنه يحسن بالعاقل أن يتفادى الأمر قبل وقوعه ؛ فإذا غلب على ظنه أن تلك الكلمة ، أو ذلك العتاب ، أو الموقف من شخص ما سيثير مشكلة ، أو سيبعث قلقاً ، أو يحدث شرخاً ، فأولى له ثم أولى أن يتركه ، أو يسلك حياله طريقة تفي بالغرض دون ضجيج ، أو حدوث نتائج وخيمة .



وأخيراً ، لا تضطر صاحبك إلى أضيق الطريق ، ولا تغلق الباب أمام من له عندك بقية من مودة .


الساعة الآن 10:05 AM.

Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025