مجموعة انسان |
10-03-2010 01:13 AM |
السراج في دار عميان.!
( يُذكر أنه كان هناك غراب شاهد حمامة تمشي ، فأعجبته مشيتها لما فيها من ملكية طبيعية ، ففكر بنفسه وقارن بينه وبينها ، فوجدها تتميز عنه بالكثير ، فحاول أن يقلد مشيتها ، فتدرب وتدرب ، وحاول كثيراً أن يتقنها ولم يستطع ، ففشل فشلاً ذريعاً ، فحاول إلا أنه يأس ، فأراد العودة لمشيته القديمة ، فاكتشف أنه قد نسيها أيضًا ، فالآن ليس هو بالغراب ، وليس هو بالحمامة ، حيث فقد هويته بالكامل ) وهذه للأسف مشكلتنا أننا نسير خلف الجميع في الخير والشر ، فلا ننظر لنهاية الطريق وعواقبه ، فالأهم أن نمشي خلف كل من يسير حتى لو وقعنا في فخ الحفر والمطبات ، قد ننجح ، وقد نفشل ، فالليل مظلم ، والنهار عاتم ، وحياتنا كلها سوداء ، فلا نشاهد من النور غير الظلام ( كالسراج في دار عميان ) لأننا نشاهد بعين الآخرين ، ونأكل ما يشتهيه الآخرون ، ونلبس مايختاره لنا الآخرون ، فليس من المهم ماذا نأكل؟ ولكن الأهم أن نشبع ، فندعي الإفلاس ونحن نشتري ما لا نحتاجه بأغلى الأثمان لنصل إلى طموح الغير على حساب جيوبنا ، وبعد أن نصحو من سباتنا العميق نندم ونتحسر ، وقد نبكي على حالنا ، لأننا سلكنا طريقًا لا نعرف نهايته ، فنمشي مع من يمشون ، ونركض خلف من يركضون ، وفي الأخير نفشل ، ونتحسر على أحوالنا ، ونندم على أفعالنا ، حتى فقدنا شخصيتنا ، وضاعت هيبتنا ، فأصبحنا ضائعين تائهين ، فلا نعرف الغوص في البحار العميقة ، ولا نتقن فن السباحة، فنغرق ونموت في البحار الظلماء ، فالكل ابتعد عنا وتركنا نغرق في بحار النسيان ، لأننا نسمع ولا نتكلم ، ونسير ولا نشاهد ، فنفشل ولا ننجح ، وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( لا تكونوا إمعة ، تقولون إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم ، إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤا فلا تظلموا )) فالإمعة يفكر بعقلية الآخرين ، ضعيف العزم ، كثير التردد ، مشتت التفكير ، يتراجع في اتخاذ قراراته ، فهو يتبع كل إنسان على رأيه فلا رأي له ، فقد ضيعنا مشيتنا ، وفقدنا شخصيتنا ، حتى مرضت عقولنا ، وماتت قلوبنا ، فأصبحنا كالأموات بصورة أحياء ، فإلى متى نفكر بعقلية الغراب ، ونتبع ونقلد مشية الحمامة ؟ حتى نسينا مشيتنا ، ولم نتقن مشية الحمامة ، وفقدنا هويتنا وشخصيتنا بالكامل ، وأصبحنا (كالسراج في دار عميان ) .
|