عرض مشاركة واحدة
قديم 07-24-2017, 03:20 AM   #4


الصورة الرمزية مجموعة انسان
مجموعة انسان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 العلاقة بالمرض: مصابة
 المهنة: لا شيء
 الجنس ~ : أنثى
 المواضيع: 51901
 مشاركات: 6367
 تاريخ التسجيل :  Aug 2010
 أخر زيارة : يوم أمس (06:55 PM)
 التقييم :  95
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
افتراضي  



بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام

لقد كان بنو إسرائيل في تلك الفترة هم أهل الحق وحملة راية التوحيد، وكان فرعن مصر في ذلك الزمان متكبراً متعجرفاً يدعي الألوهية، وكان مفسداً يضطهد بني إسرائيل فيذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين}، وقد ولد موسى عليه السلام في هذا الجو وتربى في بيت فرعون في تدبير رباني محكم، وقصة موسى ونشأته ودعوته لفرعون وخروجه ببني إسرائيل وهلاك فرعون أشهر من أن تروى .

قدر الله سبحانه أن يعطي تلك الفئة المؤمنة في ذلك الزمان أرض فلسطين {ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} .

وأرسل موسى عليه السلام إلى فرعون بهذا الأمر، يعاونه في ذلك أخوه هارون الذي بعث رسولاً أيضاً {وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين، حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل}، غير أن فرعون يأبى ويتكبر ولا يؤمن بالآيات والمعجزات التي جاء بها موسى، ويؤمن السحرة الذين حشدهم فرعون بدعوة موسى، ويسقط في يد فرعون، ويبدو أن الذين أظهروا إيمانهم وانضموا إلى بني إسرائيل كانوا عدداً محدوداً من أولاد وفتيان بين إسرائيل وكان إيمانهم مقروناً بخوف من أن يفتنهم فرعون {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين}. ثم إن موسى عليه السلام قاد من آمن من قومه شرقاً فأتبعهم فرعون وجنوده، وحدثت قصة انشقاق البحر وإنقاذ الله سبحانه لبني إسرائيل وهلاك فرعون وجنوده {فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، وأزلفنا ثم الآخرين، وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين} .

ونقف هنا عند بعض الآراء والروايات التاريخية التي يظهر منها أن عدد من خرج مع موسى من مصر كان حوالي ست آلاف فقط أو خمسة عشر آلفاً على بعض الروايات. أما تلك الفترة من الناحية التاريخية فكانت على ما يبدو خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وكان خروج بني إسرائيل من مصر تحديداً في حوالي الثلث الأخير من ذلك القرن. وهي فترة توافق حكم "رعمسيس الثاني" المشهور في هذا العصر بـ"رمسيس الثاني"، ومن تقدير الله أن جثة هذا الفرعون معروضة في أحد المتاحف المصرية الآن، وهذا يذكرنا بقوله سبحانه {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون} .

وبعد إنقاذ الله سبحانه لبني إسرائيل تبرز فصول معاناة موسى وهارون معهم، ويظهر من صفات هؤلاء ضعف الإيمان والجهل والجبن، فمن كادوا يخرجون من البحر حتى أتوا على قوم يعبدون أصناماً، {قولوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة !!!}، ثم عندما يذهب موسى لميقات ربه يعبد قومه العجل رغم وجود هارون بينهم !! {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار}، {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}، وكادوا يقتلون هارون عندما نهاهم عن كفرهم وهو الذي قال لأخيه موسى {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} وغيرها من المواقف .

ثم يقود موسى بني إسرائيل باتجاه الأرض المقدسة ويقول لهم {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين}، ولكنهم يختارون الارتداد على أدبارهم، {قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون}، ولا ينفع فيهم النصح فيكررون، {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}، ويعلق سيد قطب رحمه الله على موقف بني إسرائيل هذا فيقول :"إن جبلة يهود لتبدو هناك على حقيقتها، مكشوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجمل، إن الخطر ماثل قريب، ومن ثم لا يعصمهم منه حتى وعد الله لهم بأنهم أصحاب الأرض، وأن الله قد كتبها لهم، فهم يريدونه نصراً رخيصاً، لا ثمن فيه، ولا جهد فيه، نصراً مريحاً يتنزل عليهم تنزل المن والسلوى" . . "وهكذا يحرج الجبناء فيتوقحون، ويفزعون من الخطر أمامهم، هكذا في وقاحة العاجز لا تكلفه وقاحة اللسان إلا مد اللسان"، {فأذهب أنت ربك!} فليس بربهم إذا كانت ربوبيته ستكلفهم القتال، {إنا ها هنا قاعدون}، لا نريد ملكاً، ولا نريد عزاً، ولا نريد أرض الميعاد، ودونها لقاء الجبارين، هذه هي نهاية المطاف بموسى عليه السلام، نهاية الجهد الجهيد، والسفر الطويل، واحتمال الرذالات والانحرافات والالتواءات من بين إسرائيل ! .

ويتألم موسى عليه السلام ويلجأ إلى ربه {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي، فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين}، ويستجيب الله لنبيه {قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض}، وهكذا يحكم عليهم بالتيه بعد أن كانوا على أبواب الأرض المقدسة، ويظهر أن الله سبحانه قد حرمها على هذا الجيل من بني إسرائيل حتى ينشأ جيل غيره يصلب عوده في جو من خشونة الصحراء، فهذا الجيل "أفسده الذل والاستعباد والطغيان في مصر فلم يعد يصلح لهذا الأمر الجليل" .

وتوفي موسى عليه السلام قبل أن يستطيع دخول الأرض المقدسة، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن موسى عندما حان أجله قال رب أدنني من الأرض المقدسة رمية حجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لو أني عنده لأريتكم مكان قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر" .

يتبع


 
 توقيع : مجموعة انسان







رد مع اقتباس